Libro de Historia
كتاب التأريخ
Editorial
دار صادر
Ubicación del editor
بيروت
وكانت الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة أهل عز ومنعة في بلادهم حتى كانت بينهم الحروب التي أفنتهم في أيام لهم مشهورة منها يوم الصفينة وهو أول يوم جرت الحرب فيه ويوم السرارة ويوم وفاق بني خطمة ويوم حاطب ابن قيس ويوم حضير الكتائب ويوم أطم بني سالم ويوم أبتروه ويوم البقيع ويوم بعاث ويوم مضرس ومعبس ويوم الدار ويوم بعاث الآخر ويوم فجار الأنصار وكانوا ينتقلون في هذه المواضع التي تعرف أيامهم بها ويقتتلون قتالا شديدا فلما ضرستهم الحرب وألقت بركها عليهم وظنوا أنها الفناء واجترأت عليهم بنو النضير وقريظة وغيرهم من اليهود خرج قوم منهم إلى مكة يطلبون قريشا لتقويهم وعزوا فاشترطوا عليهم شروطا لم يكن لهم فيها مقنع وكان المشترط عليهم أبو جهل بن هشام المخزومي وقد قيل إن قريشا قد كانت أجابتهم حتى قدم أبو جهل من سفر له وكان غائبا فنقض الحلف واشترط عليهم شروطا لم يقنعوا بها ثم صاروا إلى الطائف فسألوا ثقيفا فأبطأوا عنهم فانصرفوا وقدم رجل منهم بعد مبعث رسول الله يقال له سويد بن الصامت من الأوس حاجا أو معتمرا فبلغه أمر رسول الله فلقيه وكلمه فدعاه رسول الله إلى الله فقال له سويد إن معي مجلة لقمان قال فاعرضها علي فعرضها عليه فقال رسول الله إن هذا الكلام لحسن والذي معي أحسن منه كلام الله وقرأ عليه فقال يا محمد إن هذا لكلام حسن ثم انصرف إلى المدينة فلم يلبث أن قتلته الخزرج ثم قدم نفر منهم أيضا إلى مكة وهم بنو عفراء يتفاخرون مع أسعد بن زرارة فلقيهم رسول الله ودعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن فقال رجل منهم يقال له إياس بن معاذ يا قوم هذا والله النبي الذي كانت اليهود تعدكم به فلا يسبقنكم إليه أحد فأسلموا وأخذ عليهم رسول الله الإيمان بالله وبرسوله ثم انصرفوا فأخبروا قومهم الخبر وقد كانوا سألوه أن يوجه معهم رجلا من قبله يدعو الناس بكتاب الله فبعث إليهم رسول الله مصعب بن عمير فنزل على أسعد بن زرارة وجعل يدعوهم إلى الله عز وجل ويعلمهم الاسلام وكان أول من قدم المدينة ثم خرج اثنا عشر رجلا منهم إليه فلقوه وهم أصحاب العقبة الأولى فآمنوا بالله وصدقوه وانصرفوا إلى المدينة وكثر خبره وفشا الإسلام فيها
فلما كان العام القابل خرج إليه جماعة من الأوس وجماعة من الخزرج فوافى منهم سبعون رجلا وامرأتان فأسلموا وصدقوه وأخذ رسول الله عليهم بيعة النساء فسألوه أن يخرج معهم إلى المدينة وقالوا إنه لم يصبح قوم في مثل ما نحن فيه من الشر ولعل الله أن يجمعنا بك ويجمع ذات بيننا فلا يكون أحد أعز منا فقال لهم رسول الله قولا جميلا ثم انصرفوا إلى قومهم فدعوهم إلى الإسلام فكثر حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر حسن من ذكر رسول الله وسألوه الخروج معهم وعاهدوه أن ينصروه على القريب والبعيد والأسود والأحمر قال له العباس بن عبد المطلب وإني فداك أبي وأمي آخذ العهد عليهم فجعل ذلك إليه وأخذ عليهم العهود والمواثيق أن يمنعوه وأهله مما يمنعون منه أنفسهم وأهليهم وأولادهم وعلى أن يحاربوا معه الأسود والأحمر وأن ينصروه على القريب والبعيد وشرط لهم الوفاء بذلك والجنة
Página 38