التاريخ
تأليف
أحمد محمد محمد الهادي
نسبه ... 14
صفته (ع) ... 15
لمحة من حياته (ع) ... 15
فضائله عليه السلام ... 17
أمير للمؤمنين ... 18
نموذج من عبادته (ع) ... 21
شجاعته (ع) ... 22
الزهد والجود في حياته (ع) ... 23
صور مشرقة في الإيثار (( من القرآن الكريم )). ... 24
علمه (ع) ... 24
عدله عليه السلام ... 26
من سياسته (ع) ... 27
وصيته الخالدة (ع): ... 28
نبذة عن حياته (ع) ... 29
بيعته (ع) ... 29
مواجهته (ع) لمعاوية ... 29
وفاة الإمام الحسن (ع): ... 30
سياسة الحكم الأموي ... 30
نبذه عن حياته (ع) ... 32
دوافع خروجه (ع) ... 32
مسلم بن عقيل في الكوفة ... 33
بطولة وفداء ... 34
مواجهة مسلم بن عقيل لابن زياد ... 34
مقتل مسلم بن عقيل ... 34
خروج الحسين(ع) ... 34
الحسين في كربلاء ... 35
عمر بن سعد ... 35
الحر بن يزيد الرياحي ... 36
قبل المعركة ... 36
مقتل الحسين (ع) ... 37
بعد المعركة ... 38
رأس الحسين عند يزيد ... 38
مواقف التضحية في كربلاء ... 39
أصحاب الحسين (ع) ... 39
علي بن الحسين(ع) ... 40
العباس بن علي ... 40
أطفال كربلاء ... 41
صور من ظلم الأطفال ... 41
المرأة في كربلاء ... 42
عاقبة الظالمين ... 43
بيعته (ع) ... 44
زين العابدين ... 44
نبذة عن حياته ... 45
دوافع خروجه (ع) ... 46
بيعته (ع) ... 47
المعركة ... 47
من مواقف بني أمية في المعركة ... 48
أثر ثورته (ع) ... 48
مطاردة الإمام يحيى بن زيد وموقف الحريش ... 49
المعركة ... 49
سقوط الدولة الأموية ... 50
الدولة العباسية ومرحلة أخرى من جهاد أهل البيت (ع) ... 50
نبذة عن حياته (ع) ... 50
عوامل خروجه ... 51
قدوم أبي جعفر سنة 144ه ... 52
بيعته (ع) ... 53
دعوته (ع) ... 53
أحداث المعركة ... 53
الإمام إبراهيم بن عبدالله (ع) ... 54
المواجهة مع العباسيين ... 55
بعد المعركة ... 55
مأساة أهل البيت ... 56
عيسى بن زيد (ع) ... 57 شيء من معاناته (ع) ... 57
Página 1
نبذة عن حياته ... 58
بواعث جهاده (ع) ... 58
بيعة الحسين (ع) ... 59
المواجهة مع العباسيين في المدينة ... 59
في الطريق إلى مكة ... 59
المعركة الدامية ... 60
من بقي من أهل البيت (ع) بعد معركة فخ ... 60
بيعته (ع) ... 61
بعض من بايعه من العلماء: ... 61
محاولات الرشيد السياسية ... 61
دور علماء السوء ... 62
المسير إلى ملك الديلم ... 62
مقابلة العلماء ... 62
موقف العلماء ... 63
الأمان ... 63
رحيل يحيى (ع) من الديلم ... 63
يحيى (ع) في السجن ... 63
نقض الأمان ... 65
النهاية المؤلمة ... 65
من المآسي الأخرى في عصر الرشيد ... 65
بداية الدعوة ... 66
أبو السرايا ... 66
محمد (ع) في طريقه الكوفة ... 66
الإمام (ع) في الكوفة ... 67
المواجهة مع العباسيين ... 67
معاودة الهجوم ... 68
موت الإمام محمد (ع) ... 68
موقف الحسن بن سهل ... 69
إعداد الجيش ... 69
المواجهة بين الجيشين ... 69
هجوم أبي السرايا ... 70
النهاية ... 70
من المآسي في عصر المأمون ... 70
نبذة عن حياته: ... 71
بيعته (ع) ... 72
من معاناته (ع) ... 72
من مواقف الإيمان ... 72
مقتطفات من كلامه (ع) ... 73
الدولة الزيدية في المغرب مؤسسها الإمام: إدريس بن عبدالله (ع) ... 78
دعوته (ع) ... 79
نجاح دعوة الإمام إدريس (ع): ... 80
الخلافة العباسية وموقفها: ... 82
المكر البرمكي: ... 82
رحيل الشماخ إلى المغرب: ... 83
البربر بعد موت إدريس: ... 83
أحفاد إدريس: ... 85
دعاة الزيدية في الجيل والديلم ... 88
دعوته (ع): ... 89
فتح طبرستان: ... 90
سياسته في الحكم: ... 90
حكاية من حياته (ع) ... 91
ومن شعره (ع) في بداية الدعوة: ... 92
بنو بويه في بغداد: ... 94
توجه الإمام (ع) إلى الديلم: ... 94
جهاده (ع) في الديلم: ... 95
بيعته (ع): ... 96
من منهجه في الحكم: ... 96
ومن عدله مع رعيته: ... 97
حكايات من حياته (ع): ... 97 دور الإمامين في المجال الفكري: ... 99
Página 2
أئمة أهل البيت بعد أبي طالب (ع) ... 100
نشأته (ع): ... 103
سبب خروجه (ع) إلى اليمن: ... 104
العودة الثانية: ... 104
في ميدان الجهاد: ... 105
في العلم والعبادة: ... 106
في الميدان الإجتماعي: ... 108
دعوته (ع) ... 113
حكايات من حياته (ع) ... 114
دعوته: ... 116
بيعته (ع): ... 117
نص البيعة: ... 117
انتشار الدعوة: ... 118
نبذة من حياته (ع): ... 118
دعوته عليه السلام ... 123
شيء من معاناته وجهاده: ... 123
من منهجه في الحياة: ... 126
مراحل الجهاد مع الدولة العثمانية: ... 128
إصلاحاته (ع): ... 128
أحمد محمد محمد الهادي ... 1
تقريظ ... 5
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ... 14
عبادته (ع): ... 21
الإمام الحسن بن علي عليهما السلام ... 29
الإمام الحسين بن علي (ع) ... 32
الإمام الحسن بن الحسن بن علي الرضا عليه السلام ... 43
أمام الأئمة زيد بن علي عليهم السلام ... 45
الإمام يحيى بن زيد بن علي عليهم السلام ... 48
الإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية (ع) ... 50
الإمام الحسين بن علي الفخي (ع) ... 58
الإمام يحيى بن عبد الله (ع) ... 61
الإمام محمد بن إبراهيم(ع) ... 66
الإمام محمد بن محمد بن زيد بن علي (ع) ... 68
الإمام القاسم بن إبراهيم (ع) ... 71
الفصل الأول ... 15
قبسات من سيرته ... 22
الفصل الثاني ... 30
الفصل الثالث ... 51
قائمة بأسماء المصادر والمراجع ... 76
الباب الأول ... 79
الإمام إدريس بن إدريس (ع): ... 84
الباب الثاني ... 89
الإمام الناصر للحق (ع) ... 90
الإمام المهدي محمد بن الحسن الداعي (ع) ... 95
الإمام المؤيد بالله (ع) ... 96
الإمام أبو طالب (ع) ... 99
الباب الثالث ... 103
الإمام الهادي (ع) ... 104
اليمن في عهد المرتضى.. والناصر (ع) ... 111
الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان (ع) ... 113
الإمام عبدالله بن حمزة (ع) ... 117 الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد عليه السلام ... 124
Página 3
الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم ... 128
المراجع والمصادر التاريخية ... 130
مقدمة ... 78
{أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله} ... 78
الإمام إدريس بن عبدالله عليهما السلام ... 78
الدولة الزيدية في: جيلان طبرستان ديلمان مؤسها الإمام الناصر للحق (ع) ... 88
{ونريد أن نمن على الذين استضعفوا ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين} ... 88
الدولة الزيدية في اليمن مؤسسها الإمام الهادي إلى الحق (ع) ... 102
{الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر}. ... 102
الدولة الزيدية في اليمن ... 102
دروس من حياته (ع) ... 105
بسم الله الرحمن الرحيم
تقريظ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. وبعد:
فقد عرضت ماكتبت على إخوتي أعضاء الهيئة الإدارية بالمنتدى، وتم إقرار المنهج وأشكر هم على كل ما بذلوه من جهود مضنية في سبيل ذلك.
كا عرضت المنهج على مجموعة من العلماء الأعلام ، على رأسهم المولى العلامة الحجة (بدر الدين الحوثي) حفظه الله.
وقد كتب حفظه الله وأبقاه إلي يقول:
(( اطلعت على مؤلفاتك الكريمة في التاريخ، فأعجبت بها جدا، فنشكرك على هذه المصلحة العظمى التي قدمتها للطلاب، ونسأل الله لك مضاعفة الثواب. وقد كتبت على أحدها:
إذا شئت تعرف نهج الصواب
لتعرف من قرناء الكتاب
فطالع مباحث هذا الكتاب
رجال الجهاد وفصل الخطاب
وأقول فيها جملة:
يا مظهر النور في التاريخ للقاري
عش هاديا لسبيل الحق مهتديا
وامنن إلهي بتوفيق ومغفرة
كأنه الكهرب الوضاء في الدار
لا زلت في ظل ألطاف من الباري
له ولي منك تنجينا من النار
هذا والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته .
كتبه/ بدر الدين الحوثي وفقه الله بسم الله الرحمن الرحيم
Página 4
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، ورضي الله عن صحابته الراشدين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد
إن علاقة المسلم بتاريخه علاقة مهمة جدا، وعلى أساس فهمه ومعرفته للتاريخ، يعرف ويفهم الشريعة الإسلامية وأحكامها.
ومن تتبعنا لأحداث التاريخ الإسلامي منذ بداية مراحله الأولى نجد أن زعماء أهل البيت كانوا يمثلون المرجع لجميع أفراد الأمة الإسلامية في جميع جوانب الحياة فكريا، وعقائديا، وجهاديا، وأخلاقيا، وغير ذلك..
والمتتبع لحياتهم يجد الصفات النبوية، والموروثات العلوية ماثلة فيهم، صورا متكررة لعلي عليه السلام على امتداد التاريخ رغم تباعد السنين.
وقد كنت أتمنى أن تكون دراسة حياة أهل اليبت (ع) في متناول جميع طلاب العلم الشريف بشكل مختصر ومبسط يتمكنون من إقتنائه، ويطلعون من خلاله على جوانب مختلفة من حياة الطهر، والعلم والعدالة، والنزاهة، وليعرفوا الثروة الفكرية الهائلة التي تركوها لنا خالصة من أي شائبة أو تحريف.
وقد كنت في المنتدى أدرس مادة التاريخ في الدورات الصيفية التي يقيمها، وقبل بداية الدورة الرابعة اجتمعت (إدارة المنتدى) واسندوا إلى وضع مقررات للثلاث المراحل في المنتدى في مادة التاريخ.
وقد قبلت العمل، رغبة مني في خدمة المتعلمين ومحبي أهل البيت (ع).
وقمت بكتابة وريقات تتضمن عدة دروس لجميع المراحل الثلاث، وكانت كالتالي:
المرحلة الأولى: دروس في السيرة النبوية على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.
المرحلة الثانية: دروس في تاريخ أئمة أهل البيت عليهم السلام إبتداء بالإمام (علي) عليه السلام وإنتهاء بالإمام القاسم بن إبراهيم (ع). وهو الذي بين يديك عزيزي الطالب.
المرحلة الثالثة: دورس في تاريخ أئمة أهل البيت عليهم السلام في المغرب، والجيل والديلم، واليمن.
Página 5
وقد جمعت الحقائق التاريخية من مصادرها الموثوق بها، وتأكدت من صحتها، واختصرتها في هذه الدروس التاريخية. وما هذه إلا مقتطفات تاريخية تتحدث عن جزء صغير من محيط واسع في حياة أهل البيت (ع).
وأرجوا أن يكون عملي هذا حافزا لدراسات واسعة مستفيضة عن أئمة أهل البيت (ع) في مختلف جوانب حياتهم ، من أصحاب العلم الواسع، والنظر الثاقب، والهمم العالية.
وهذا الذي بين يديك عزيزي الطالب هو مقرر المرحلة الثانية، وهو عبارة عن وريقات تتضمن دروسا عن حياة أئمة أهل البيت (ع) في مراحل التاريخ الأولى.
وقد جعلت المنهج كالأتي:
1 مدخل حول كتابة التاريخ الإسلامي.
2 الباب الأول: يشتمل على بعض جوانب حياة الإمام علي (ع).
3 الباب الثاني: عن أئمة أهل البيت (ع) في عصر بني أمية.
4 الباب الثالث: عن أئمة أهل البيت (ع) في عصر بني العباس.
والله أسأل أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم، وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم، إنه على كل شيء قدير.
أحمد محمد محمد الهادي
شوال 1414ه
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
في دراسة التاريخ
الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وبعد.
لماذا ندرس التاريخ؟ وكيف ندرسه؟
إن دراسة التاريخ تهمنا جدا كمسلمين، لأن دراسته وفهمه ضروري لفهم الشريعة الإسلامية وأحكامها، لأننا لابد أن نبحث عن أحكام الشريعة من بطون الكتب، وهذا يتطلب فهمنا للتاريخ الإسلامي ومعرفة الظروف التي مرت بها الشريعة السمحاء، ودراسة التاريخ مهمة أيضا للأمة الإسلامية وهي بحاجة ماسة إلى دراسته لاستلهام الدروس والعبر والإستفادة من سيرتها العقائدية، والأخلاقية، والجهادية..
أما كيف ندرس التاريخ؟ فإنه يجب أن تكون دراستنا للتاريخ دارسة صحيحة، خالية من النزعات والأهواء، والتعصب الأعمى، حتى يكون الإنصاف منطلقنا، والحكمة ضالتنا.
Página 6
ومن الواضح أن كتابة التاريخ ليست بالأمر السهل أو الهين، فهي مهمة صعبة جدا، لأنها تحتاج إلى الدقة والأمانة ويجب أن يتجرد فيها المؤرخ من كل النزعات والإتجاهات.
ونحن المسلمين مرتبطون بتاريخنا، ويجب علينا فهمه بالشكل الصحيح، ولكن من الواضح أن تاريخنا الإسلامي قد شابته عدة شوائب، وطمست فيه الحقائق، وفسر تفسيرات لا تخلو من نزعة معينة، أو ميل لاتجاه معين، وهذا ما يفسر مطالبة كثير من العلماء والدكاترة بإعادة مشروع كتابة التاريخ الإسلامي.
ولنا أن نتساءل لماذا كتب التاريخ هكذا بعيدا عن حقائقه التاريخية؟!
وللإجابة على هذا السؤال، لابد أن نعرف الظروف والمتغيرات التي كتب فيها التاريخ الإسلامي.
فنحن نعرف أنه كان في الأمة الإسلامية خطان متباينان. خط المصلحين (( يتزعمه الإمام علي عليه السلام )) والخط الثاني: الخط الذي تمشى مع الواقع الفاسد تحت قيادة السلطة الحاكمة من بني أمية وبني العباس.
فالتاريخ إذن قد كتبت مراحله الأولى زمن السلطتين الأموية والعباسية وكانت كتابته خاضعة لفكر ومنطق الأمويين والعباسيين، فهناك إذن خلفية صنعت وكتبت لنا التاريخ السيء الذي استمر مع الظروف على ما هو عليه.
وجاء دور أكثر المؤرخين بعدهم، فلم يبحثوا عن الحقائق التاريخيةولم يدققوا النظر فيما وقعت عليه أيديهم، أو أنهم بحثوا عن الحقائق التاريخية ولم يقفوا عندها لاستخلاص نتائجها بل مروا عليها مرور الكرم.
مع أن كل ذلك لم يمنع من وجود مؤرخين منصفين كتبوا التاريخ، ودرسوا حقائقه وأبعاده، وأظهروا الواجهة الحقيقية فيه بعدل وانصاف.
وهذا ربما من أكبر العوامل التي دفعت كثيرا من الباحثين إلى المطالبة بإعادة كتابة تاريخنا الإسلامي بالشكل المطلوب، ودراسته بالشكل الصحيح، حتى نتمكن من إعادة واقعنا الإنساني بين الأمم، ونستطيع أن نلحق بركب الحضارة المتقدمة.
ولكي يتضح الأمر قليلا نضرب مثلا على ذلك:
Página 7
فنحن نجد أن معاوية لكي يبرر تقاعسه وانهزامه، وواقعه الفاسد، ولكي يبقى بنوا أمية في سلطانهم، كان عليه أن يلصق بخط الإمام علي (ع) وأتباعة كل أنواع الإتهامات والإفتراءت، وأن يحيط نفسه بستار واق وكثيف يثبت به حكمه وسياسته.
ومن هذا الواقع الفاسد بدأت كتابة التاريخ بأقلام عوجاء، وبدأ التأثير والتأثر من هذا المنطلق.
ومن هنا يتضح أن علينا أن ندرس التاريخ جيدا، وأن نفهمه كما هو لا كما أراد له مزيفوه من أصحاب النفوس المريضة.
وحتى يتأكد الإنسان من وجود تلك الشوائب في تاريخنا الإسلامي فسوف نتحدث عن أهم مرحلة في تاريخنا الإسلامي وهي المرحلة الأولى، لنرى كيف أن تاريخنا الإسلامي تعرض لعلمية تزييف ليس لها مثيل ، وتجاهل لا مبرر له، فقد مر على بعض حقائقه مرور الكرام، وشوه بعضها، وطمس البعض الآخر.
وسنضرب بعض الأمثلة على ذلك. مهمتها التوضيح فقط لبعض تلك الجوانب ، ولست بصدد الرد عليها أو إيضاحها. لأن كثيرا من العلماء، والمفكرين، والمؤرخين قد ردوا على مثل تلك الخزعبلات والإدعاءات التي إغتر بها، أو مال إليها طائفة من المسلمين وبينوا الحقائق بعدل وانصاف.
وإنما هذه أمثلة تتعرض لبعض المواقف التاريخية المشوهة في تاريخنا الإسلامي.
ومن ذلك أننا نعرف أن الموقف الذي غدا فيه المسلمون بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وما سمعناه وعلمناه من إختلاف الصحابة حول الخلافة، واجتماع سقيفة بني ساعدة، وتنازع المهاجرين والأنصار. تلك الحقيقة التاريخية. ألا تحتاج منا إلا وقفة تأمل نخرج منها بالنتائج المطلوبة.
يقول الدكتور سعيد عاشور وهو يتحدث عن صور التشويه في التاريخ الإسلامي. وعند ذكره هذا الحقيقة التاريخية يقول:
Página 8
(( أين كان الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ذلك الوقت؟ أين كان؟ كان مشغولا بتجهيز الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ودفنه، وهناك تبدو فكرة السمو. السمو الخلقي، فكرة النزاهة. النزاهة وعدم التكالب وراء الحكم أو الجري وراء منصب، كيف يترك جثمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويجري ليجتمع مع المجتمعين ليطلب لنفسه شيئا؟!. هنا الخلق، هنا المتانة، كان ينبغي أن يقف المؤرخ وقفة عند هذه المسئلة. عند هذه النقطة بالذات، فإذا لم يكن هناك تفريط من الإمام علي رضي الله عنه بأي حال من الأحوال، ولكن كان هناك ما هو أهم، ما هو أسمى، الصلة التي تربطه برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الوقت الذي انصرف المنصرفون، وتناقشوا، وتحادوا، واختلفوا حول الخلافة، وعن مقربة منهم جثمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شغل علي بن أبي طالب بتجهيزه ودفنه، إذن لم يكن هناك تفريط من الإمام علي في المطالبة بحقه في الخلافة وإذا كان الإمام علي رضي الله عنه وكرم وجهه قد طالب بالخلافة، فينبغي أن ينزه من أنه كان يجري وراء متاع. لو كان يجري وراء متاع لانصرف من أول الأمر، وكان أسبق السابقين إلى السقيفة، إلى سقيفة بني ساعدة ليرفع صوته مع من رفعوا أصواتهم )).
ثم يمضي ويقول: (( وبعد ذلك تعرض المؤرخون للكيفية التي رضي بها الإمام علي أن يساير الجو )) فيقول: (( وهذا في حد ذاته ليس نوعا من الإستكانة بقدر ما هو نوع من الحفظ على وحدة الإسلام والمسلمين (1) )).
ونحن نجد أن الإمام علي عليه السلام عندما تولى الخلافة أراد تصحيح أوضاع الأمة الإسلامية في جميع النواحي السياسية، والإجتماعية، والإقتصادية، مما أثار عليه أصحاب المطامع والإهواء حتى نكث عليه الناكثون وبسببهم كانت معركة (( الجمل )).
Página 9
ونحن نعرف أن ذلك العمل هو الذي دفع بمعاوية للخروج على إمام الحق وكانت معركة (( صفين )).
ونعرف أيضا أن هاتين المعركتين تولد منهما خروج طائفة ثالثة وكانت معركة (( النهروان )).
ونعرف أن هذه الطوائف الثلاث هم (( الناكثون )) (( والقاسطون )) (( المارقون )) ولكن لنرى كيف تعرض بعض المؤرخين لهذه الحقائق التاريخية؟
فنحن نجد بعض المؤرخين عندما يتحدث عن معركة الجمل ينفي أن يكون هناك خروج بالمعنى المراد! وأن الذين خرجوا وعددهم طبعا يزيد على عشرين ألف رجل لم يريدوا من خروجهم إلا الصلح بين علي ومعاوية حول قتلة عثمان (1)، فإذا ما وجد الحقيقة الواضحة ورأى تجمع هؤلاء في البصرة قال: (( إن الذي أثار المعركة جماعة من السبائية اليهود كانوا في جيش الإمام علي (ع). وهم يكونون غالبية جيشه، وأن عليا والناكثين كانوا قد اصطلحوا، ولكن هؤلاء اليهود أشعلوا الحرب، ولم يكن بيد الإمام علي (ع) أي تصرف!! ))
وبنفس ما جرى عليه التاريخ حول معركة الجمل، كان في معركة (( صفين )) فهم يقولون أن معاوية لم يكن يريد الملك أو الحكم أصلا، وكان هدفه هو الوصول إلى قتلة عثمان! وأن الطرفين كادا يتوصلان إلى الصلح لولا تلك المجموعة السبائية أشعلوا الحرب.
Página 10
بل لقد حدى ببعض من يسمون أنفسهم بعلماء الأمة، ومؤرخي الحقائق ألا يجدوا مبررا لموقف ممعاوية إلا أن يقولوا: (( إن أول من أثار الفتنة كانوا في الكوفة، وهم جماعة عبدالله بن سباء، ومنهم قائد جيش الإمام علي (ع) (( مالك الأشتر ))، وتلميذ الإمام علي (( كميل بن زياد )) وأن هؤلاء هم سبب مقتل عثمان، وهم من أثار حرب الجمل، وحرب صفين وعجبا من هؤلاء أما دروا أنهم بقولهم هذا لم يسيئوا إلى علي (ع) فحسب، بل أساءوا إلى رسول الإسلام ورسالة الإسلام (1)!
فإذا ما تعرض هؤلاء لخدعة التحكيم.. تجد أنهم ينفون أن يكون هناك خدعة في التحكيم.
هذا جانب من صور التشويه تحدث به بعض المؤرخين، أما بعضهم الأخر فقد اكتفى ليخرج نفسه من المأزق على حسب تصوره بأن يصف تلك الأمور بأنها أحداث فتنة لا يجوز تخطئة أحد فيها (2) . ونحن نجد أنه إلى هذا الحد قد زيفت هذه الحقائق.
Página 11
ولسنا هنا في مقام الرد على مثل تلك الإفتعالات، لأنها واهية البطلان أساسا، ولا تعتمد على أي دليل، ومصدرها النزعات والأهواء، أو الجهل.
ومن الغريب أن هؤلاء قد تعمدوا نسيان حقيقة الهدف الذي من أجله وقع ما وقع، وتعمدوا نسيان الجريمة التي ارتكبها الناكثون في البصرة قبل مقدم الإمام علي (ع) إليها، وتورثهم على واليها عثمان بن حنيف وقتلهم سبيعين من أصحابه.
ونجدهم قد أهملوا موقف الإمام علي (ع) من الزبير عندما ذكره بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للزبير (( ستقاتله وأنت له ظالم )).
وأهملوا كل شيء جرى بين الإمام علي (ع) ومعاوية قبل صفين، ومحاولة الإمام علي عليه السلام إرجاعه إلى جادة الصواب بكل الطرق الممكنة في كثير من المراسلات دارت بينهما.
وأين هؤلاء من قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لعمار بن ياسر:
(( ستقتلك الفئة الباغية )) (1). وإلى أي دليل استند هؤلاء بأنه لم يكن هناك خدعة في رفع المصاحف أو التحكيم!؟
ومن الواضح أننا لو قرأنا التاريخ بالشكل المطلوب. لما احتجنا إلى تلك التفسيرات الخاطئة، والتبريرات الواهية، ولو أن بعض المؤرخين تمعنوا الحقائق جيدا لما أرهقوا أنفسهم بتلك التفسيرات والمبررات حتى ضلوا وأضلوا.
Página 12
إننا نجد معاوية وأتباعه أمثال المغيرة بن شعبة (1)، عمرو بن العاص (2)، النعمان بن بشير (3)، سمرة بن جندب (4). وغيرهم (5) )) قد أعلنوا للناس عن قصدهم الخفي من خروجهم على الإمام علي (ع) دون قصد منهم وإن.
تستروا وراء قناعهم الرقيق وهو المطالبة بدم عثمان.
أليس هؤلاء قد رفضوا الدخول مع معاوية ومبايعته إلا بجزء من السلطة ومتاع الدنيا؟
نحن نعرف أن عمرو بن العاص مثلا طلب مقابل بيعته أن يعطيه معاوية ملك مصر. ونعرف أيضا أن عمرو بن العاص عندما تولى الإمام علي (ع) الخلافة وأعلن مبدأ المساواة الإقتصادية . أرسل إلى معاوية يقول له: (ما كنت صانعا إذا قشرك ابن أبي طالب كل ما تملكه كما تقشر من العصاء لحاها).
Página 13
بل إننا نجد معاوية قد دخل سوق المناقصة والمساومة التجارية بالأموال والولايات مع زعماء ورؤساء القبائل من أجل الإنضمام إليه يقول الدكتور أحمد محمود صبحي وهو يتحدث عن الأسباب الحقيقية لتلك الأحداث:
(إن عليا (ع) أراد أن يعيد المساوة الإقتصادية كما كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان صلى الله عليه وآله وسلم يسوي بين الناس في العطاء.
وأراد أن يعيد الهرم الإجتماعي المقلوب الذي أصبح في قمته بنو أمية وهم من الطلقاء، وفي سفحه الأنصار، وأراد أن يصلح الوضع السياسي المعوج، إذ كان ولاة الأمصار في عهد عثمان وهم سبب الفتنة، وثورة الناس عليه من أقاربه، حتى أصبحت العصبية سافرة.
ذلك هو السبب الخفي والحقيقي لخروج من خرج على علي (ع)، ولنكوث من نكث على بيعته، وإن توارى ذلك وراء دعوى مفتعلة اسمها دم عثمان) (1).
ثم يتحدث نفس الدكتور حول بطلان الدعوى السبائية التي علق عليها المؤرخون أخطاء معاوية (2) وأتباعه فيقول: (إن الهدف من هذه الرواية، هو إدانة التشيع من جهة، وتبرير قيام حرب بين بعض كبار الصحابة وتبرءتهم من دمائها، حتى تتسنى موالاتهم جميعا).
Página 14
ثم يقول: إنها ساءتهم الحرب وأرادوا أن يحفظوا لأولئك مكانتهم في نفوس المسلمين، (( فلم يجدوا إلا أن يتحمل وزر ذلك كله يهودي أسلم ليكيد للإسلام )). انتهى كلام الدكتور (1) وهذا ما يؤكده كثير من الباحثين والمؤرخين المنصفين. يقول الدكتور طه حسين عن ذلك (( إن ذلك لم يكن إلا وهما، وأن أمر السبائية ليس إلا متكلفا منحولا قد اخترع بآخره، وقد ادخره خصوم الشيعة للشيعة ليدخلوا في اصول هذا المهذهب عنصرا يهوديا إمعانا في الكيد لهم والنيل منهم )) (2).
وهنا نضرب مثلا آخر من صور التشويه التي تعرض لها تاريخنا الإسلامي:
فمن المعلوم أننا نعرف ما جرى بين الإمام الحسن (ع)، ومعاوية بن أبي سفيان وتدبير معاوية قتل الحسن (ع) بالسم.
ونعرف جميعا حادثة كربلاء الأليمة والتي لا يحتاج الإنسان إلى شرح عنها، وكلنا يعرف ويعلم يقينا من هو يزيد؟ الشاب المستهتر، المخمور، الذي لا يعرف ولا يفقه من الإسلام شيئا صار في غفلة من المسلمين أميرا عليهم.
ويستنكر الحسين (ع) هذا الأمر ويصمد أمام هذا الباطل، وتمر بنا ذكريات كربلاء الحزينة المفجعة، ونجد سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمثل به هذا التمثيل، ونجد بنات رسول الله سبايا عند (( ابن زياد، ويزيد)).
ونحن نستنكر هذا ونستعظمه لو أن المشركين فعلوه، ولم يفعلوه.
Página 15
فما بالنا وقد فعله بعض ممن ينتمون إلى الإسلام.
كارثة كبرى في تاريخنا، كان يجب علينا التوقف عندها، ودراستها بدلا من محاولة تبرئة يزيد من تبعة ذلك (1).
ولا أحد يجهل وقعة الحرة التي ارتكبها يزيد في المدينة بقيادة مسلم بن عقبة المري استباح فيها نساء وبنات الأنصار لمدة ثلاثة أيام وأجبر الناس على بيعة يزيد بالعبودية يتصرف فيهم كيفما شاء (2).
وأمام هذه الحقائق التاريخية نجد أن بعض المؤرخين يحاول جاهدا تبرئة يزيد من تبعة تلك الأعمال، ويلقي باللوم على أهل المدينة، ويصفهم بأنهم ارتكبوا جرما كبيرا، وعليهم يقع جزء عظيم من تبعة انتهاك حرمة المدينة (3) .
Página 16
ويتسلسل تاريخنا الإسلامي وتظهر لنا صورة رائعة من صور العدالة والحرية، قادها محرر الأمة الإسلامية، وقائد المستضعفين، إمام الإئمة (( زيد بن علي عليه السلام )).
ولكن هذه الحركة التصحيحية التي أيقظت الأمة من سباتها معنى العدالة والحرية، وحطمت القيود والأغلال التي صنعها بنو أمية، نحن نجد أنه لم يتحدث عنها كما يجب ولم تدرس أهدافها النبيلة، ونتائجها العظيمة
ومثل أخير نضربه عن تلك المرحلة المتقدمة:
فنحن نعرف أن الذين انخدعوا بشعارات معاوية رأوا بأم أعينهم أن ذلك لم يكن إلا ستارا زائفا، وأن الملك والخروج على مبادئ الحق والعدالة هو المقصود.
ونعرف أيضا أن جريرة العدل حاقت بكل من خرج على إمام الحق وانتهك حرمة أهل البيت (ع) والمؤمنين من بعده.
وحتى أولئك الذين توقفوا عن نصرة الإمام علي عليه السلام كسعد بن أبي وقاص، وعبدالله بن عمر، مثلا.
فقد بقي سعد على قيد الحياة حتى تلقى ضروبا من المهانة والذلة من معاوية.
وعبدالله بن عمر أجبر على أن يبايع يزيد بأنه عبد له يتصرف فيه كما يريد وفي شيخوخته أراد الحجاج قتله، ثم دس له السم.
وكان ابن عمر يردد ويقول: (( ليتني قاتلت الفئة الباغية مع علي (ع) )).
وتابعت جريرة العدل كل مرتكبي جريمة كربلاء فمات يزيد أسوأ موته وسلط الله على البقية كفوا كريما هو (المختار بن عبيد الثقفي) فلم يدع أحدا شارك في قتل الحسين (ع) إلا قتله.
وما زالت الجرائر تتلاحق حتى تقوض من وطأتها ملك بني أمية، وخرج لهم السفاح الأكبر وأعوانه في دولة بني العباس، فعموا بنقمتهم الأحياء والأموات ونبشوا القبور، وهدموا الدور.
(( وما من عبرة أولى من هذه بالتبيين والجلاء لدارس التاريخ، ودارس الحياة، وطالب المعنى البعيد في أطوار هذا الوجود (1) )).
Página 17
فإذا ما عدلنا إلى الجانب الأخر من الدولة الأموية، نجد الحديث عن الفتوحات التي امتدت شرقا وغربا، ونسمع بأن معاوية بعدما ارتكب من جرائم القتل يوصف بالحلم (1)، ويوصف نفاقه وخداعه (( بالدهاء )).
فلم لم نتحدث عن الفتوحات في عهدهم هل كان المقصود منها الجباية أم الدعوة إلى دين الله!؟.
ألسنا نعلم أن أحد قواد المسلمين قال لرستم قائد الفرس (( جئنا لنخرجكم من عبادة العباد، إلى عبادة رب العباد )).
ولكن التاريخ يحدثنا أن أهالي تلك المناطق لم تتغير حياتهم، وأن الأمويين ارتكبوا ضدهم أبشع الجرائم، وأنهم لم يدخلوا في الإسلام إلا عندما وصل إليهم أئمة أهل البيت (ع).
لماذا لا يتحدث المؤرخون مثلا عن الأزمات الخلقية، والإقتصادية والإجتماعية في عصر بني أمية ألم يذكر التاريخ أن القيم الأخلاقية في ذلك الوقت كانت منتهكة (2)؟
لماذا لا نتحدث عن جانب التضليل الإعلامي في عصر بني أمية (3)؟
لماذا لا نتكلم عن جوانب الكبت التي تعرض لها أنصار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من معاوية وبني أمية؟
قضايا وأحداث كثيرة طمست وأغضي الطرف عنها، وكان يجب التوقف عندها ودراستها بالشكل الصحيح.
Página 18
ولكن رغم كل ما حدث وما نقل فإن من استخدم عقله، وجرد نفسه من العصبية والنزعات يجد زعماء أهل البيت (ع) ومن والاهم، كانوا صمام الأمان للأمة الإسلامية فكرا، وعقيدة، وسلوكا،. وأنهم وهبوا أنفسهم فداء لعقيدتهم وصونا لأمتهم وحريتهم. ويجد جميع أفراد الشعوب الإسلامية بمختلف طبقاتهم: فقراء وأغنياء، وعلماء ووجهاء، وأفرادا وجماعات، يجد أن هؤلاء كانوا معهم، ومتبعين وهكذا نجد أن محبة أهل البيت (ع) وموالاتهم لن يستطيع أحد طمسها أو محوها. فقد حاول بنو أمية، وبنو العباس بكل ثقلهم وجهودهم، فباءوا بالفشل، وبئس المصير.
يقول الدكتور سعيد عاشور وهو يتحدث عن محبي أهل البيت (ع): ((بحثت عن مصطلح الشيعة واشتقاق اللفظ، فوجدت فلانا شايع فلانا أي والاه، ونصره، وأصبح في زمرته إلى آخره. وفي لسان العرب لابن منظور كالآتي: الشيعة أتباع الرجل وأنصاره، ولفظ الشيعة عام وجمعها شيع وأشياع، وغلب هذا الإسم على من يتولى عليا وأهل بيته رضوان الله عليهم أجمعين، ويقال شايعه، أي والاه.
قال الأزهري: والشيعة قوم يهوون هوى عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويوالونهم.
ثم يضيف الدكتور ويقول:
إذا كان هذا هو تعريف الشيعة فمن من المسلمين يرفض أن يكون شيعيا من يرفض هذا؟ إذا كان الشيعة قوم يهوون عترة النبي ويوالونهم، من منا يرفض أن ينسب إلى عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ من منا يرفض أن يتمسح بأعتابهم ويطلب بركتهم؟
وإذا كان الأمر كذلك ما السبب في الخلاف!؟
إذا كان بعض السابقين قد وقعوا في خلافات وعداوات فعلينا نحن الآن بقلوب متفتحة، بأعين بصيرة، بعقول واعية، علينا أن نتدبر مثل هذه الأمور، علينا أن نتدبر قوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا}.
Página 19
نحاول جمع الشمل، وتوحيد الصف، فالإسلام إسلام واحد ، الإسلام عقيدة لاخلاف فيها إطلاقا )) (1) انتهى كلام الدكتور.
وأنت أخي المسلم مايضيرك أن تكون محبا لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومتبعا لهم، وقد طهرهم الله من الرجس تطهيرا، وجعلهم قرناء الكتاب، وأوجب على العباد محبتهم ومتابعتهم، وجعلهم أمان أهل الأرض، وسفينة نوح من اتبعهم نجا، ومن تخلف عنهم غرق وهوى.
أفلايجب أن ندعوا الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا حب محمد وآل محمد، وأن يميتنا على حب محمد وآل محمد، وأن يحشرنا في زمرة محمد وآل محمد، وأن يعيننا ويوفقنا للسير على نهج محمد وآل محمد.
وهذه الدروس التي بين يديك عزيزي الطالب تتحدث عن حياة أئمة الهدى والعدالة من أهل البيت (ع) الذين عاشوا في عصر الدولة الأموية، وكذلك الدولة العباسية في عصرها الأول والتي لم تختلف عن سابقتها في ظلمها وتشريدها لأهل البيت (ع)، وإن تغيرت بعض المسميات، واختلفت بعض الموازين الاجتماعية والفكرية.وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
الفصل الأول
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
نسبه
هو علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم.. أخو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمه. ولد في جوف الكعبة، وأخذه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم صغيرا من أبي طالب ليخفف عنه أعباء المعيشة.
صفته (ع)
كان قوي البنية، عريض المنكبين، لا يتبين عضده من ساعده، حسن الوجه، واضح البشاشة، منحه الله من القوة ماتميز به على غيره من الناس.
اكتملت فيه الصفات الخلقية والخلقية، وكلما نظر الإنسان إلى شخصيته ومثاليتها الفريدة ازداد إعجابا وحبا واتباعا.
ومهما حاول الإنسان أن يلم بها فلن يستطيع ذلك ومن رام عد الشهب لم تتعدد لأن كلمة (( علي )) بمفردها تصور وتحكي فضائل الدنيا كلها. ولله القائل:
Página 20