Tarih
تاريخ
Editorial
دار الفكر
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م (وأعادوا طباعتها بالتصوير مِرار)
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Historia
الكتاب الأول في طبيعة العمران في الخليقة وما يعرض فيها من البدو والحضر والتغلب والكسب والمعاش والصنائع والعلوم ونحوها وما لذلك من العلل والأسباب
اعلم أنّه لمّا كانت حقيقة التّاريخ أنّه خبر عن الاجتماع الانسانيّ الّذي هو عمران العالم وما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال مثل التّوحّش والتّأنّس والعصبيّات وأصناف التّغلّبات للبشر بعضهم على بعض وما ينشأ عن ذلك من الملك والدّول ومراتبها وما ينتحله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش والعلوم والصّنائع وسائر ما يحدث من ذلك العمران بطبيعته من الأحوال. ولمّا كان الكذب متطرّقا للخبر بطبعته وله أسباب تقتضيه. فمنها التّشيّعات للآراء والمذاهب فإنّ النّفس إذا كانت على حال الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقّه من التّمحيص والنّظر حتّى تتبيّن صدقه من كذبه وإذا خامرها تشيّع لرأي أو نحلة قبلت ما يوافقها من الأخبار لأوّل وهلة وكان ذلك الميل والتّشيّع غطاء على عين بصيرتها عن الانتقاد والتّمحيص فتقع في قبول الكذب ونقله. ومن الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار أيضا الثّقة بالنّاقلين وتمحيص ذلك يرجع إلى التّعديل والتّجريح. ومنها الذّهول عن المقاصد فكثير من النّاقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع وينقل الخبر على ما في ظنّه وتخمينه فيقع في الكذب.
ومنها توهّم الصّدق وهو كثير وإنّما يجيء في الأكثر من جهة الثّقة بالنّاقلين ومنها الجهل بتطبيق الأحوال على الوقائع لأجل ما يداخلها من التّلبيس والتّصنّع فينقلها المخبر كما رآها وهي بالتّصنّع على غير الحقّ في نفسه. ومنها تقرّب النّاس
1 / 46