Educación y Enseñanza en el Islam
التربية والتعليم في الإسلام
Géneros
في التعليم عند المسلمين قبل تأسيس المدرسة النظامية ببغداد (1) في الثقافة العامة والتربية عند العرب قبل الإسلام
قامت للعرب قبل ظهور الإسلام ثلاث حضارات عريقة، اتصفت كل واحدة منها بالرقي العمراني والعقلي، وكانت كل واحدة منها تكمل سابقتها. وأول تلك الحضارات حضارة عرب اليمن في الجنوب، وثانيها حضارة عرب الشمال في تدمر والجزيرة والشام، وثالث تلك الحضارات حضارة عرب الحجاز ونجد التي يبدأ عهدها من أواسط المائة الثالثة بعد الميلاد إلى ظهور الإسلام في المائة السابعة للميلاد.
ولقد كتبت عن الحضارتين الأوليين كتب كثيرة، وقامت بعض البحوث العلمية المتعلقة بحضارتي الشمال والجنوب العربيين، وإن تلك الكتب والبحوث على الرغم من قلتها أبانت طرفا لا بأس به من التقدم العلمي والعمراني والسياسي الذي بلغه أسلافنا في تلك الديار، ولكن حضارة وسط الجزيرة العربية لا نعرف عنها إلا معلومات ضحلة لأسباب كثيرة.
منها: أنه لم يصلنا أي أثر مكتوب موثوق عن تلك العصور وعن مدارك أهلها في النواحي العقلية والعلمية إلا الشعر وبعض الأقوال والحكم المنثورة التي لا تغني كثيرا في هذا الباب.
ومنها: أن كل من كتبوا في هذا الموضوع من المسلمين أو أكثرهم قد صوروا تلك العصور صورة قتيمة مغرقة في الجهالة والحمق ليبينوا فضل الإسلام وقوة أثر الحركة المحمدية.
ومنها: أن دراسات علمية صحيحة تعتمد على دراسة الآثار وبحوث طبقات الأرض وعلم الأجناس فيما يتعلق بعرب وسط الجزيرة لم تجر حتى الآن، ولم يقم بها أحد من علماء الاستشراق فضلا عن الشرقيين والعرب أنفسهم.
ومنها: أن طول العهد بيننا وبينهم، وامتزاج تاريخنا العربي بكثير من الأساطير والخرافات، وعدم قيام دراسات تاريخية علمية صحيحة تعتمد على أصول النقد، لمما يجعل التعرف إلى حقيقة تاريخ تلك الحقب أمرا عسيرا.
ومنها: أن كتابات من كتب في هذا الموضوع من المستشرقين والمبشرين وبعض شعوبيي الكتاب الشرقيين والمسلمين والعرب كتابات لم تخل من الغرض أو الجهل.
1
ولهذا كله عزمت في دراستي هذه أن لا أعتمد إلا على نصوص ثابتة لا يمكن أن يتطرق إليها الشك ولا يمكن أن يطعن في صحتها، لثبوت وصولها إلينا بطرق موثوقة، أو على أخبار تناقلها الرواة المأمونون الذين تعضد أقوالهم الشواهد التاريخية الموثوقة والبحوث العلمية الحديثة.
Página desconocida