Educación en el Islam: La educación desde la perspectiva de Al-Qabisi
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Géneros
ويسمون أيضا أصحاب الحديث، في مقابل أصحاب الرأي. وقد عدد ابن قتيبة من هؤلاء وأولئك نفرا.
21
ولم يكن بين المسلمين في القرن الأول من الهجرة خلاف كبير على أحكام المعاملات والعبادات، لبعدهم عن الحضارة، ولبساطة المعيشة بما يشبه فطرة العرب في البداوة، وقربهم من عصر الرسول، وإدراكهم للصحابة الذين صحبوه وسمعوا عنه، وشهدوا أفعاله في شتى المناسبات، ووعوا آثاره عن سلوك المسلم الكامل الإسلام.
فلما توغل المسلمون في الحضارة، وتفرعت مطالب الحياة، وظهرت ألوان من المعاملات لم تكن معروفة في عهد النبي، تصدر الأئمة للحكم عليها من الناحية الشرعية بما يتفق مع الدين، ويتأثر هدي الرسول الأمين.
هذه الأحكام الجديدة تسمى في الفقه بالاجتهاد، ويسمى الأئمة الذين يصدرونها بالمجتهدين.
قال صاحب (الملل والنحل): «ثم المجتهدون من أئمة الأمة محصورون في صنفين لا يعدوان إلى ثالث: أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي. وأصحاب الحديث وهم أهل الحجاز، هم أصحاب مالك بن أنس وأصحاب محمد بن إدريس الشافعي، وأصحاب سفيان الثوري، وأصحاب أحمد بن حنبل، وأصحاب داود علي بن محمد الأصفهاني. وإنما سموا أصحاب الحديث؛ لأن عنايتهم بتحصيل الأحاديث، ونقل الأخبار، وبناء الأحكام على النصوص، ولا يرجعون إلى القياس الجلي والخفي ما وجدوا خبرا أو أثرا. وقد قال الشافعي: إذا وجدتم لي مذهبا، ووجدتم خبرا على خلاف مذهبي، فاعلموا أن مذهبي ذلك الخبر. ومن أصحابه أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني، والربيع بن سليمان الجيزي ... وهم لا يزيدون على اجتهاده اجتهادا، بل يتصرفون فيما نقل عنه توجيها واستنباطا، ويصدرون عن رأيه جملة، ولا يخالفونه البتة.
أصحاب الرأي وهم أهل العراق، هم أصحاب أبي حنيفة النعمان، وإنما سموا أصحاب الرأي؛ لأن عنايتهم بتحصيل وجه من القياس، والمعنى المستنبط من الأحكام، وبناء الحوادث عليها. وربما يقدمون القياس الجلي على آحاد الأخبار. وقد قال أبو حنيفة: علمنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن قدر على غير ذلك فله ما رأى، ولنا ما رأيناه. وهؤلاء ربما يزيدون على اجتهاده اجتهادا، ويخالفونه في الحكم الاجتهادي. وبين الفريقين اختلافات كثيرة في الفروع، ولهم فيها تصانيف، وعليها مناظرات، وقد بلغت النهاية في مناهج الظنون.»
22
وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي يتفقان في الاعتماد على الكتاب، أي القرآن؛ لأنه الأصل الأول من أصول الفقه، ولا وجه للخلاف فيه لأنه تنزيل العزيز الحكيم.
ولكنهما يفترقان عند الأصل الثاني، أي السنة، فأصحاب الحديث وعلى رأسهم مالك يأخذون بالحديث، وأصحاب الرأي لا يعتمدون عليه كثيرا.
Página desconocida