Educación en el Islam: La educación desde la perspectiva de Al-Qabisi

Ahmad Fuad Ahwani d. 1390 AH
148

Educación en el Islam: La educación desde la perspectiva de Al-Qabisi

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

Géneros

ولو بلغ معلم الكتاب منزلة علمية سامية، مع سعة الذهن، ونفاذ الفكر، وقوة العارضة، لتطلع إلى مرتبة اجتماعية أسمى من مرتبة المعلمين في الكتاتيب. فقد كان الحجاج بن يوسف على ما هو مشهور معلما في الطائف، ثم أصبح من الحكام البارزين، والخطباء المفوهين، وترك صناعة التعليم في الكتاب إلى غيرها.

والمعلمون على ما ذكر الجاحظ على ضربين: منهم رجال ارتفعوا عن تعليم العامة إلى تعليم أولاد الخاصة، ومنهم رجال ارتفعوا عن تعليم أولاد الخاصة إلى تعليم أولاد الملوك أنفسهم المرشحين للخلافة. فكيف نستطيع أن نزعم أن مثل علي بن حمزة الكسائي، ومحمد بن المستنير الذي يقال له قطرب وأشباه هؤلاء الرجال يقال لهم حمقى، ولا يجوز هذا القول على هؤلاء، ولا على الطبقة التي دونهم. فإن ذهبوا إلى معلمي كتاتيب القرى فإن لكل قوم حاشية وسفلة، فما هم في ذلك إلا كغيرهم.

2

لم يتكلم القابسي في رسالته على معلمي الخاصة، بل قصر الكتابة والنصيحة والحكم على معلمي الكتاتيب الذين يتصلون بأولاد العامة. وهؤلاء هم الذين ذاع عنهم الحمق فقيل في أمثال العامة: «أحمق من معلم كتاب.» وفي قول بعض الحكماء: «لا تستشيروا معلما.»

3

وقد انتصر الجاحظ لمعلمي الخاصة، ويعرفون بالمؤدبين، فهؤلاء منزلتهم غير منكورة ثم أنصف بعد ذلك معلمي الكتاتيب فأبعد عنهم ذلك الوهم الذائع عنهم والحمق اللاصق بأغلبيتهم.

وقد اعتمد الأستاذ خليل طوطح على هذا الجانب السيئ الذي ذكره الجاحظ عن المعلم، فحكم على معلمي الصبيان جميعا بالحمق وقلة العقل، وأرجع السبب في ذلك: «إلى احتقار العرب للمهن التي لا تظهر فيها أعمال الرجولة كالفروسية، وإلى ما أظهره بعض المعلمين من صغر النفس والمسكنة وسخافة العقل والغطرسة على الصغار وضربهم بالعصا وإذاقتهم آلام الفلقة.»

4

ولما كان وصف المعلمين هذا الوصف غير صحيح، فالتعليل المذكور لا أساس له. وإلى جانب ذلك فليس صحيحا أن العرب احتقروا جميع المهن التي لا تظهر فيها أعمال الرجولة كالفروسية؛ إذ لو كان الأمر كذلك لكان الفقهاء والأدباء والشعراء وأصحاب المهن العقلية والدينية محتقرين عند العرب، والواقع يخالف ذلك.

أما ارتكاب المعلمين ما يخل بالكرامة، ففي كل طائفة، كما يقول الجاحظ، أشرافها وسفلتها، فلا يدفعنا ذلك إلى إطلاق الحكم على الطائفة بأسرها بسوء الخلق، وصغار النفس والحمق.

Página desconocida