Educación en el Islam: La educación desde la perspectiva de Al-Qabisi
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Géneros
ولا يجب أن نأخذ الفهم الذي ذكره القابسي على أنه مرادف للذكاء، بل هو يستند إلى الذاكرة؛ لأن إعراب الكلمات، ومعرفة المعاني القرآنية مما يتلقاه الصبيان من أفواه المعلمين ويحفظونه عنهم، ولا يصلون إليه من تلقاء أنفسهم.
ومن هنا يتضح لنا أن التربية العقلية عند القابسي تنتهي إلى كسب معلومات معينة، وتلعب الذاكرة الدور الأول في هذا الكسب، وتخص بالذات الذاكرة اللفظية؛ ومهمة الصبيان أن يحفظوا عن الكتب أو عن المعلم، وأن يعيدوا ما حفظوا دون تلعثم. والصبي الممتاز هو ذلك الذي يجيد حفظ كل ما لقن كلمة بكلمة، وحرفا بحرف.
ولسنا في حاجة إلى بيان فساد هذه الطريقة التي تعتمد على الاستظهار والتسميع؛ وقد هاجم «موتيني» هذه الطريقة في شدة، ومما يؤثر عنه قوله: «لا معرفة مع الاستظهار.»
38
وقد انتهى بعض العلماء إلى ازدراء الحفظ، والعمل على الحد من الغلو في التذكر اللفظي، فنظروا إلى الحفظ كأنه من العمليات العقلية الوضيعة، مؤيدين وجهة نظرهم بأن كثيرا من البلهاء وضعاف العقول ينعمون بذاكرة قوية، بينما بعض الأذكياء ذاكرتهم ضعيفة.
39
ولكن ازدراء الذاكرة والنظر إليها هذه النظرة القليلة الأهمية، فيه بعد عن الحقائق النفسية. وتدل نتائج البحث في الأمراض النفسية على أن فقدان الذاكرة يؤدي إلى اضطراب الحياة العقلية وفساد السلوك.
ومما لا شك فيه أن الذاكرة الجيدة تخدم علماء الطبيعة والكيمياء والنبات والحيوان؛ لأنهم في حاجة إلى استظهار كثير من القوانين الرياضية والمعادلات الكيميائية التي تتألف منها مبادئ المعرفة الصحيحة الضرورية.
ولا يستطيع الإنسان إجادة اللغة دون معرفة كثير من الألفاظ وقواعد النحو والصرف.
وقد ظن كثير من علماء النفس والتربية أن هناك تعارضا بين الذكاء والذاكرة، والحقيقة على خلاف ذلك؛ لأن موهبة الذكاء وحسن التفكير مما يخدم الذاكرة في سرعة التحصيل، وجودة الحفظ، وسهولة الاسترجاع. وفي ذلك يقول وليم جيمس: «إن فن التذكر هو فن التفكير.»
Página desconocida