Educación en el Islam: La educación desde la perspectiva de Al-Qabisi
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Géneros
ولم يكن تعليم القرآن رأي الشعب ونصيحة الفقهاء من علماء التربية فحسب، وإنما كان رأي الفلاسفة أيضا. فهذا ابن سينا يقول: «فإذا اشتدت مفاصل الصبي، واستوى لسانه، وتهيأ للتلقين، أخذ في تعلم القرآن وصور له حروف الهجاء، ولقن معالم الدين، وإذا فرغ الصبي من تعلم القرآن وحفظ أصول اللغة نظر عند ذلك إلى ما يراد أن تكون صناعته فوجه لطريقه.»
30
وليس لنا أن نعجب من رأي ابن سينا فهو القائل في سيرة حياته: إنه ختم القرآن، وأتى على كثير من الأدب، وهو ابن عشر سنين.
ولم تبدأ دراسة العلوم الطبيعية إلا من عصر النهضة. وقد درج الأقدمون على احتقار الصناعة لأنها مخصوصة بالعبيد، أما الأشراف فلا يليق بهم إلا الاشتغال بالأعمال العقلية. كانت الحال كذلك عند اليونان كما كانت عند العرب. ثم إن تجارب المعامل وهي الأساس في كشف العلوم الطبيعية كانت تحوطها الأسرار ويغمرها السحر والشعوذة، ويهاجمها الجمهور باعتبار أن أصحابها يشتغلون بالكيمياء مما يرادف السحر في ذلك الزمان. لهذا انصرف العلماء عن البحوث التجريبية خشية التعرض لغضب الجمهور، واحتقار المجتمع، وامتهان الكرامة الشخصية.
وظهر «بيكون» في القرن السابع عشر فشق طريق التجريب أمام العلماء، ووصف طريقة الاستقراء، ونصح بالنظر في كتاب الطبيعة. ونادى روسو بنفس المبدأ وهو القراءة في كتاب الطبيعة المفتوح، لا في بطون الكتب المحبرة على الأوراق.
وهذه دعوى جديدة تطالب أولا بمعرفة الأشياء الخارجية المحيطة بالإنسان أو عالم الطبيعة، وتطالب ثانيا أن تكون الطريقة لهذه المعرفة المشاهدة والاستقراء والتجريب.
ثم استقرت المناهج الحديثة وعلى رأسها دراسة العلوم الطبيعية.
هذا التحول في المناهج ناشئ عن التطور الذي لحق المجتمع، وأهم ما يمتاز به هذا التحول الانصراف إلى عالم المادة، والنظر في سفر الطبيعة، لتسخير القوى الكامنة في أرجاء الأرض لمصلحة الإنسان.
ولم ينه القرآن عن النظر إلى الطبيعة، بل حث الإنسان على التأمل في المخلوقات في أكثر من آية، حتى يصل الإنسان من معرفة أمور الطبيعة إلى عظمة الخالق ووجوده. ولكن المسلمين لشدة غيرتهم على الدين، وخوفهم من التحول عنه، وجدوا من السلامة الابتعاد عن البحث في الطبيعة حتى لا يصرفهم ذلك عن الإيمان والعبادة.
ومن الذين هاجموا العلوم الطبيعية هجوما عنيفا، وصرفوا الناس عن دراستها الغزالي؛ للعلة التي ذكرناها قال: «الطبيعيات بعضها مخالف للشرع والدين والحق، فهو جهل وليس بعلم حتى يورد في أقسام العلوم. وبعضها بحث عن صفات الأجسام وخواصها وكيفية استحالتها وتغيرها وهو شبيه بنظر الأطباء ... وأما علومهم في الطبيعيات فلا حاجة إليها. فإذن الكلام كان من جملة الصناعات الواجبة على الكفاية، حراسة لقلوب العوام عن تخييلات المبتدعة، وإنما حدث ذلك بحدوث البدع.»
Página desconocida