Biografías de celebridades del Oriente en el siglo XIX (Primera parte)
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
Géneros
وفي سنة 1871 أصاب بلاد فارس قحط رافقه الهواء الأصفر والحمى فأصاب الناس جهد شديد، فبلغ عدد الذين ماتوا في أصبهان وحدها 16000.
فلما زالت النكبات وعاد الخصب، عزم ناصر الدين شاه على السياحة في أوروبا فسار في 12 مايو سنة 1873 من طهران شمالا فقطع بحر قزوين إلى أستراخان ومنها إلى موسكو فبطرسبرج فألمانية فبلجيكا فإنكلترا ففرنسا فسويسرا فإيطاليا فسالسبورج ففينا، ثم عاد إلى إيطاليا وسار منها إلى الآستانة ومنها إلى تفليس، ومنها إلى باكو بالعربة، وعاد إلى طهران مسرعا فوصلها في 6 سبتمبر سنة 1873 وشاع عند عودته أنه إنما أسرع لملافاة مؤامرة كانوا يسعون فيها لخلعه فجازى المؤامرين بعصا من حديد.
وفي سنة 1875 ثار الجهادية وتمردوا على الشاه حتى اضطروه لمغادرة طهران، ولكنه ما لبث أن أخمد نارهم وعاد إلى كرسيه، وفي سنة 1878 ساح سياحة أخرى في روسيا، وفي سنة 1880 ثار عليه الأكراد فأبلى فيهم بلاء حسنا فثابوا إلى السكون، وفي سنة 1888 مد أول خط حديدي بين طهران وشاه عبد العظيم على أن السكك الحديدية دخلت بلاد الفرس منذ سنة 1865 وفي أوائل سنة 1889 خرج للسياحة في أوروبا مرة ثالثة فلاقى ترحابا عظيما، وعاد في أواخرها وقضى السنين الأخيرة بالراحة والسكينة مهتما في شئون مملكته وترقية شأن رعيته، وقد أخذ الإيرانيون يشتغلون في إعداد المعدات للاحتفال بالعام الخمسين لملكه ففاجأهم ذلك المصاب بمقتله بغتة.
قتله رجل معتوه في أول مايو سنة 1896 وهو داخل مسجد عبد العظيم ليصلي فأصابت الرصاصة قلبه فمات، وأفضى الملك بعده إلى أكبر أنجاله مظفر الدين شاه.
شكل 12-2: مظفر الدين شاه ملك الفرس السابق. (1) النهضة العلمية الأخيرة في بلاد الفرس (1-1) تمهيد
اشتهر الفرس من قديم الزمان بالعلم والأدب ونبغ منهم الشعراء، والفلاسفة، والحكماء، والأطباء، يوم كانت أوروبا لا تزال محجوبة بظلمات الجاهلية. حتى إذا ظهر الإسلام ودخلت بلاد فارس في حوزته كان الفرس من أكبر العوامل الفعالة في نشأة التمدن الإسلامي.
فلما قضي على الشرق بالتقهقر في الأجيال الأخيرة أصاب بلاد فارس من ذلك ما أصاب الشام ومصر، فانغمست تلك البلاد في حمأة الجهل إلا ما كان من بقايا العلوم القديمة الذائعة على أيدي المشائخ والفقهاء وغيرهم مما لا يلائم مقتضيات العصر الجديد عصر الاختراع والاكتشاف، وتفتخر مصر ويحق لها الفخر بأنها سبقت سائر بلاد المشرق في اقتباس أنوار التمدن ثم نسج الشرقيون على منوالها.
ومما لا يحسن السكوت عنه أن الفضل الأكبر في تأسيس النهضة العلمية في الشرق سواء كان ذلك في مصر أو الشام أو فارس إنما هو للفرنساويين، وأول من غرس بذور التمدن فيه إنما هو رجلهم بل هو رجل العالم وفرد أفراده «نابليون بونابرت» حمل هذا القائد على الشرق يريد اكتساحه كما اكتسحه الإسكندر قبله، لكنه لم يأته بالعدة والسلاح فقط، بل نقل إليه بذور التمدن وأصول المعارف؛ فأرفق حملته الحربية بحملة علمية جمعت نخبة من علماء فرنسا في ذلك الحين، ولم يوفق بونابرت في فتوحه الشرقية فعاد على أعقابه وظلت تلك البذور كامنة حتى نهض من رجال الشرق من أحسن تعهدها وتربيتها فنمت، وكان منها ما كان من نهضة مصر والشام، فالنهضة الأخيرة تبدأ فيهما من آخر القرن الثامن عشر، وقد نمت وازدهرت وأثمرت على يد أرومة العائلة الخديوية المغفور له محمد علي باشا الكبير ومن خلفه من أعقابه الكرام.
أما بلاد فارس فإن الفضل في نهضتها الأخيرة للمغفور له ناصر الدين شاه. (1-2) أساس النهضة
تبدأ هذه النهضة سنة 1270ه/1854م؛ لأن في هذه السنة أرسل المغفور له ناصر الدين شاه أربعين شابا من أدباء الفرس وأهل العصبية برئاسة حسن علي خان أمير نظام من مشاهير قواد الفرس وأهل البيوت الرفيعة. سار أولئك الشبان إلى فرنسا فتلقوا فيها العلوم الحديثة بأنواعها من الطب والرياضيات والطبيعيات، وعادوا إلى بلادهم، وعملوا على نشر تلك العلوم بإنشاء المدارس كما سيجيء. (1-3) المدارس
Página desconocida