Biografías de celebridades del Oriente en el siglo XIX (Primera parte)
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
Géneros
شكل 43-4: حسن الشركسي.
دخل حسن الدار كما يدخل صاحب المنزل إلى منزله، فسأله الحرس عما يريده، فقال إنه مسافر في الغد إلى بغداد، وعنده أمور هامة يريد عرضها على السرعسكر عوني باشا قبل سفره، فأجابه الحارس أن ذلك لا يتأتى إلا بعد انفضاض الجلسة، فوقف حسن ريثما غافل الحرس، ووثب على السلم وتسلقه ليدخل إلى قاعة الجلسة، فمنعه خادم مدحت، ونادى خادم عوني باشا ليشتكي هذا الشركسي لرئيسه، فصعد الخادم لمقابلة عوني وتبعه حسن ليتحقق مجلس كل من الوزراء، ولم ينتظر الإذن فدخل وسلم سلاما عسكريا ثم أشار إلى عوني أن لا ينتقل من مكانه، وأطلق عليه المسدس فأصاب صدره، فتناثر الوزراء فرارا من القتل، ولجئوا إلى غرفة أخرى، إلا ناظر البحرية فإنه حاول أن يقبض على ذراع حسن فأفلت منه وجرحه جروحا كثيرة في يديه ومنكبيه، وكان عوني لا يزال فيه رمق، فنهض يطلب السلم فأدركه حسن وطعنه طعنات عديدة، وعاد إلى القاعة وخاطب الصدر الأعظم وهو في الحجرة الأخرى قائلا: «إني أحتاج إلى قيصرلي، سلمه إلي فلا أؤذيك بشيء.» فلم يجبه، فلما يئس ولم يظهر له أحد، جمع أبسطة القاعة وكراسيها وأوقد فيها النار فأدركه رجل من رجال مدحت باشا اسمه أحمد آغا، وطعنه في قفاه طعنة مميتة، فأطلق عليه حسن المسدس في عينيه فأماته وأطلق رصاصة أيضا على ناظر الخارجية. قضى حسن في هذه المعركة نصف ساعة أجرى فيها مذبحة ، وهو فرد وهم جماعة، وعاش إلى اليوم التالي، واعترف أنه إنما جاء لينتقم من عوني باشا، وأنه يأسف لمقتل رشيد وزير الخارجية، فحكموا عليه بالإعدام فمات قبل تنفيذ الحكم. (8) خلع السلطان مراد وتولية عبد الحميد
فلما بلغت هذه الواقعة إلى السلطان مراد زاد اضطراب عقله وبعد أن كان الأطباء يرجون قرب شفائه رأوه بعيدا عنه، فانقسم رجال الدولة بالنظر إلى هذا الحال إلى قسمين: قسم يرى استبقاء السلطان مراد وانتظار شفائه وهم الصدر الأعظم محمد رشدي ومدحت وأكثر زملائهم، والقسم الآخر أشاروا بخلعه وتولية من يخلفه، وزعماء هذا الحزب داماد محمود جلال الدين باشا صهر السلطان ورديف باشا مشير فيلق الآستانة، ومشيران آخران ممن يرغبون في الرجوع إلى الحال القديم، فقد كانوا أصحاب النفوذ فيه، والدستور لا يوافق مطامعهم ولا هم يفهمون معنى الدولة والأمة، وكان هذا الداماد مجردا من العلم كثير الحب لذاته، يكره الإصلاح لأنه يرفع أناسا كانوا دونه، وإنما رفعته عنهم المصاهرة، فهؤلاء وغيرهم سعوا جهدهم في خلع مراد لعلة المرض، وقد ساعدهم الشرع على ذلك، وتداخل السفراء وألحوا في تسوية الحالة الحاضرة؛ لأنهم لا يأمنون على مصالح دولهم والدولة في هذا الاضطراب، وأشاروا بخلع مراد وتولية عبد الحميد. وسعى الداماد في إثارة خواطر أهل الآستانة لتأييد هذا الطلب، وأن الحاكم اليوم على الأمة ليس السلطان خليفة الرسول وإنما هو مدحت باشا ورشدي باشا، فلم يبق بد من خلع مراد، ولكن مدحت ورفاقه رأوا أن يأخذوا المواثيق على السلطان الجديد قبل مبايعته، فقرروا أن يذهب مدحت بنفسه إلى موصلو أوغلو حيث يقيم البرنس عبد الحميد أفندي ويستطلعه رأيه في الإصلاح الذي أخذوا في إدخاله من حيث الدستور وغيره، حتى إذا خالفهم في ذلك عرضوه على أخيه رشاد أفندي، وقد قام باستطلاع رأي رشاد في هذا الشأن امرأة مدحت بطريقة سرية.
أما الشروط التي عرضوها على البرنس عبد الحميد إذا تولى السلطة فهي: (1)
أن يعلن الدستور حالا. (2)
أن لا يستشير في أعمال الدولة إلا مشيريه المسئولين. (3)
أن يعين ضيا بك وكمال بك سكرتيرين خصوصيين للسلطان مع سعد الله بك رئيس السكرتيرية (الباشكاتب).
فأجاب مطالبهم بكل رضا، ووعد بأكثر منها وأن يوسع النظام الدستوري إلى أكثر مما يطلبون، وقال إنه يتخلى عن العرش حالما يشفى أخوه مراد من المرض.
فعاد مدحت إلى إسطانبول وبلغ الوزراء نتيجة زيارته، فأقروا على خلع مراد وتولية عبد الحميد، ولم يكن لهم بد من فتوى الخلع فاستصدروها من خير الله أفندي شيخ الإسلام، فخلعوا مرادا وولوا السلطان عبد الحميد الحالي في أول سبتمبر سنة 1876. (9) جلوس السلطان عبد الحميد وتعيين أعوانه
جلس السلطان عبد الحميد على العرش العثماني في أول سبتمبر سنة 1876 واحتفلوا ببيعته احتفالا شائقا في سراي طولما بغجه حضره الوزراء والقناصل ورجال الدولة والأعيان، ولما بايعوه خاطبهم قائلا: «اشكر لكم تهانئكم، ولا أشتهي شيئا غير تقدم مملكتنا وراحة رعايانا، وسترون من أعمالنا ما يؤيد وعودنا بالإصلاح، فعلى رعايانا أن يقوموا من الجهة الأخرى بما عليهم.» وخطب في وزرائه خطابا حثهم به على الاتحاد في الرأي والعمل، وبعد ثلاثة أيام احتفلوا بتقليده سيف عثمان في مسجد أيوب بقرن الذهب على جاري عادتهم في تنصيب السلاطين، ثم عاد إلى قصر طوب قبو حيث ألبسوه البردة وسلموه العلم النبوي، ويذكرون أن رشدي باشا الصدر الأعظم، قال لرفاقه ساعة خروجهم من طولما بغجه: «أظننا تسرعنا بخلع مراد، فعسى أن لا يحدث ما يبعث على الندم.»
Página desconocida