58

Taqreeb al-Tadmuriyyah

تقريب التدمرية

Editorial

دار ابن الجوزي،المملكة العربية السعودسة

Número de edición

الطبعة الأولى

Año de publicación

١٤١٩هـ

Ubicación del editor

الدمام

Géneros

وقالوا على الوجه الثاني: ظاهر الحديث أن لله أصابع حقيقية والأصابع جوارح، وهذا معنى فاسد فيكون غير مراد. فنقول على الوجه الأول: إن كون قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن حقيقة لا يلزم منه المباشرة والمماسة، ولا أن تكون أصابع الله ﷿ داخل أجوافنا. ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [البقرة: ١٦٤]؛ فإن السحاب لا يباشر السماء ولا الأرض ولا يماسهما. ويقال: سترة المصلي بين يديه وليست مباشرة له ولا مماسة له. فإذا كانت البينية لا تستلزم المباشرة والمماسة فيما بين المخلوقات فكيف بالبينية فيما بين المخلوق والخالق الذي وسع كرسيه السموات والأرض وهو بكل شيء محيط؟! وقد دل السمع والعقل على أن الله تعالى بائن من خلقه، ولا يحل في شيء من خلقه، ولا يحل فيه شيء من خلقه، وأجمع السلف على ذلك. ونقول على الوجه الثاني: إن ثبوت الأصابع الحقيقية لله تعالى لا يستلزم معنى فاسدًا، وحينئذ يكون مرادًا قطعًا، فإن لله تعالى أصابع حقيقية تليق بالله ﷿، ولا تماثل أصابع المخلوقين. وفي صحيح البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: "جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله ﷺ فقال: يا محمد!، إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي ﷺ حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله

1 / 62