فقال شبح النور: لقد شفيت المرضى الكسحاء، فأنت عظيم في عملك ... اذهب فالساعة التي تجعلك سيد العلم قد آذنت.
فقال الناس بصوت جهوري: اذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ عد إلى جحيمك يا إبليس، فلقد تزينت بزي ملاك من النور، ولكنك لن تستطيع أن تحجب أعماق قلبك! عد إلى جحيمك فحيلك لن تجوز علي.
فقال شبح النور متهكما: حسنا ... أنا ذاهب عنك إلى حين، ولكن لا تظن أنك تملصت مني فستراني مرارا بعد الآن، واعلم أنني أوقعت من هم أشد قوة منك ... ثم توارى شبح النور! ...
عند هذا رفع سيراب الناسك نظره إلى السماء، وقال: رب ارمقني بنظرك الرءوف، واجعلني مطيعا لك في كل حين، لا تدع تجارب الشرير توقعني في هوة الهلاك.
مر ملائكتك أن تغمرني بأجنحتها السماوية، وإذا كان صحيحا ما قاله عدوك أنك وهبت الشفاء لرجلين من الكسحاء، فسيحتشد المرضى على أقدام هذا العمود، ويعكرون صفاء عزلتي بضجيجهم.
رب، لماذا سمحت حكمتك بكل هذا؟
أيمكنني أن أخدمك في وسط الضجيج؟
آه! لا، فدعني أعود إلى الصحراء المنفردة، وأنزوي في مغارة بعيدة ...
ونادى الرعاة بصوت مرتفع، فأسرعوا إليه قائلين في نفوسهم: ماذا يريد القديس؟ ... ما بدا له؟ ...
وعندما وصلوا إلى قدم العمود، أطل فوقهم وسألهم عن سبب تلك الجلبة، فأخبروه عن العجيبة المزدوجة.
Página desconocida