آه! إنني أتألم تألما شديدا! وأشعر بعذاب لا طائل تحته يتناوب نفسي الخاطئة! الرحمة يا إلهي، الرحمة! ... إنني لا أستطيع أن أراك، ولكنني أشعر بالسأم الذي أسببه لك ...
ثم شخص إلى الحاضرين وقال لهم: ابتعدوا عني وصلوا لأجلي ولا تذكروني ...
فسجد الملك أمام الأجذم، وقبل رجليه قائلا له بعذوبة: آه يا أخي، يا أخي الموجع، إنك لسعيد بهذا العذاب المستوحى من الله؟ لقد كفرت عن جريمتك طويلا حتى طهرتك الآلام وجعلتك بريئا؛ فأصبحت نفسك بيضاء نقية كردائك الناصع البياض ... رحمة بهذا الأخ المسكين يا أرحم الراحمين!
كان الأجذم يشهق وينتحب ويذرف الدموع الحمراء على ردائه الأبيض وبعد هنيهة قال: أيها الملك القديس، بوركت إلى الأبد بكلامك العذب وشفقتك العظيمة، ولكن دعني وابتعد عني!
عند هذا تقدم جوانفيل من الملك وصرخ قائلا: دعه يا مولاي، فالله يمقت هذا الكاهن البائس، ويخيل إلي ...
فقاطعه الملك بقوله: اصمت يا جوانفيل، إنك لا تفقه ماذا تقول، يجب على الإنسان أن يحب خالقه فوق كل شيء ... ماذا! ألا تفضل أن تصاب بداء الجذام على أن ترتكب خطيئة مميتة؟
فصرخ جوانفيل الذي لم يكذب مرة في حياته: وحق السماء يا مولاي، إني لأفضل ارتكاب ثلاثين خطيئة مميتة على أن أصاب بمرض الجذام! - إنك لتتكلم كالمجنون الأبله يا جوانفيل ... ألا تدرك أن الجذام هو دون الخطيئة المميتة خطرا وبشاعة؟ ألا تدرك أن الخطيئة المميتة هي شبيهة بالشيطان، وتؤدي إلى الشيطان، أتوسل إليك بحق الله ومحبتي، بأن تحب الأمراض الجسدية مهما كانت خطرة ومشوهة، وتكره الخطيئة المميتة، ذلك الداء الروحي الذي لا شفاء منه إلى الأبد!
عند هذا هتف الدفين الحي قائلا: أجل إنني أعترف لله بأني أفضل الموت والجذام، الذي يقضم جسدي وأنا حي على أن أرتكب خطيئة مميتة! آه! فليعذبني الله وليرهق جسدي بالمصائب والأمراض، ولكن ليغفر لي، ولتطهر نفسي، يخيل إلي أني أرى وجه الخالق الرحيم في الجنة!
فتأثر الملك من هذا الكلام، فقال له: إنك لسعيد يا أخي؛ لأن الله أوحى إليك أسرار حكمته!
ثم رأى على المنضدة طعاما يعده الأب بلاسيد فقال: أتود أن أطعمك بنفسي؟ أترغب في الدجاج أم في الحجال؟ - كما تريد يا مولاي الملك.
Página desconocida