ولو سلمنا أن الفضل ليس للمكان لذاته، لكن لأجل من حل فيه، إذا عرفت هذا، فهذا المكان له شرف على جميع المساجد وعلى الكعبة، فلا يلزم من منع تعليق قناديل الذهب في المساجد والكعبة المنع من تعليقها هنا، ولم نر أحدا قال بالمنع هنا، وكما أن العرش أفضل الأماكن العلوية، وحوله (¬1) قناديل، كذلك هذا المكان أفضل الأماكن الأرضية، فناسب أن يكون فيه قناديل، وينبغي أن يكون من أشرف الجواهر، كما أن مكانها أشرف الأماكن، فقليل في حقها الذهب والياقوت، وليس المعنى المقتضي للتحريم موجودا هنا، فزالت شبهة المنع (¬2)، والقنديل الذهب ملك لصاحبه يتصرف فيه بما شاء، فإن وقفه هناك إكراما لذلك المكان وتعظيما صح وقفه، ولا زكاة فيه، وإن لم يقفه واقتصر على إهدائه (¬3) له صح أيضا، وخرج (¬4) عن ملكه بقبض من صح قبضه لذلك، وصار مستحقا لذلك المكان كما يصير (¬5) المهدى للكعبة مستحقا لها، وكذلك المنذور لهذا المكان، كالمنذور للكعبة، وقد يزاد هنا فيقال: إنه مستحق للنبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي - صلى الله عليه وسلم - حي، / وإنما يحكم بانقطاع ملكه بموته عما كان في ملكه وجعله صدقة بعده، أما هذا النوع فلا يمنع ملكه له، وهو الذي في أذهان كثير من الناس، حيث يقولون: هذا للنبي - عليه السلام -، هذا إذا لم يجعله وقفا، وإن جعله وقفا فالموقوف عليه كذلك إما نفس الحجرة الشريفة كالكعبة، وإما النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه على ما قلناه.
Página 54