[8/ب] وقد قال الغزالي في الفتاوى: الذي يتبين لي أن من كتب القرآن بالذهب فقد أحسن، ولا زكاة عليه فيه، فلم يثبت في الذهب إلا تحريمه على ذكور الأمة فيما ينسب إلى الذكور، وهذا لا ينسب إلى الذكور، فيبقى على أصل الحل ما لم ينته إلى الإسراف (¬1). فإن كل ذلك احترام، وليس فيه ما ينسب إلى الذكور حتى يحكم بالتحريم، ولست أقول هذا عن رأي مجرد، لكني رأيت في كلام بعض الأصحاب ما دل على جوازه.
وهذا كلام الغزالي في الكتابة بالذهب وفي ذلك ما ذكرناه من تضييق النقدين لزوال مالية الذهب بالكلية، بخلاف التحلية بذهب باق.
فقد ظهر بهذا أن تحلية الكعبة بالذهب والفضة جائز، والمنع منه بعيد شاذ غريب في المذاهب كلها، قل من ذكره منهم، ولا وجه له، ولا دليل يعضده (¬2).
[9/أ]
وأما سترها بالحرير وغيره فمجمع عليه، وأما قول أبي بكر /
الشامي من أصحابنا: القياس أنه لا يجوز؛ فليس بصحيح، وأي قياس يقتضي ذلك؟، والقياس إنما يكون على منصوص من جهة الشرع، ولم ينص الشرع على شيء يقاس عليه ذلك.
وأما قول الشامي المذكور: وإنما تركنا ذلك لأنه لم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أحدا من الصحابة - رضي الله عنهم - أنكر ذلك، فيكفي ذلك حجة عليه، وقد كان عمر - رضي الله عنه - يكسوها من بيت المال، وذلك من عمر دليل على وجوب كسوتها؛ لأنه لا يصرف مال بيت المال إلا إلى واجب.
Página 27