وإن كان ذلك وقد اختلف العلماء في الوقف على المسجد؛ هل هو وقف على المسلمين، أو على مصالح المسجد؟ (¬1) والأصح الثاني، والقائل الأول لا يريد أنه وقف على المسلمين يصرفونه فيما شاؤوا، بل يختص بالمسجد قطعا، وإنما حمله على جعله على المسلمين أنهم القائلون للتمليك، والجماد (¬2) لا يقبل التمليك. والجواب: أن الجماد إذا كان له جهة يصرف فيها، ويحتاج إليه، فذلك معنى الملك، فظهر بها القطع بثبوت اختصاص الكعبة بما يهدى إليها، وما ينذر لها، وما يوجد فيها من الأموال، وامتناع صرفها في غيرها، لا للفقراء، ولا للحرم الخارج عنها المحيط بها، ولا لشيء من المصالح، إلا أن يعرض لها نفسها عمارة أو نحوها، فحينئذ ينظر؛ فإن كانت تلك الأموال قد أرصدت لذلك، فتصرف فيه، وإلا فيختص بها الوجه الذي أرصدت له، فلا يغير شيء عن وجهه، فالمرصد للبخور لا يصرف في غيره، والمرصد للسترة لا يصرف في غيرها، والمرصد للعمارة لا يصرف في غيرها، والمرصد للكعبة مطلقا يصرف في جميع هذه الوجوه، وكذا الموجود ولم يعلم قصد من أتى به، لكنه يعد للصرف.
[6/أ]
فإن قلت: الشيخ أبو إسحاق إنما قاله في الهدي للرتاج، أما المهدى / للكعبة مطلقا فلم يذكره، وقد ذكر في المهدى المطلق وجهين. قلت: الوجهان في الهدي المطلق من غير ذكر كعبة ولا غيرها، أما الهدي للكعبة فهو مقيد.
Página 20