(فقال لي قول ذي رأى ومقدرة * محرر نزه خال من الريب أمرتك الخير فافعل ما أمرت به * فقد تركتك ذا مال وذا نشب) في البقرة اختلف في قائله; فقيل خفاف بن ندبة، وقيل عباس بن مرداس المحرر المعتق النزه بكسر الزاي البعيد عن السوء. والنشب: المال الأصيل يجمع الصامت والناطق وقد جمع في البيت بين الحذف والإثبات; ألا ترى أنه قال: أمرتك الخير ثم قال أمرت به ولم يقل أمرته عند قوله تعالى (فافعلوا ما تؤمرون) أي به، أو أمركم بمعنى مأموركم تسمية للمفعول بالمصدر كضرب الأمير. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة يوسف عند قوله تعالى (ولئن لم يفعل ما آمره) الضمير راجع إلى الموصول، والمعنى: ما آمره به فحذف الجار كما في أمرتك الخير. ويجوز أن تجعل ما مصدرية فيرجع إلى يوسف، ولم يجوز الزمخشري عوده إلى يوسف إلا إذا جعلت ما مصدرية، ومعناه على هذا: وإن لم يفعل أمرى الحجر (فاصدع بما تؤمر) أي بما تؤمر به من الشرائع فحذف الجار كما في البيت، ويجوز أن تكون ما مصدرية: أي بأمرك مصدر من المبنى للمفعول. قال أبو حيان: والصحيح أن ذلك لا يجوز، قال تلميذه السمين: الخلاف إنما هو في المصدر المصرح، وهل يجوز أن ينحل بحرف مصدري وفعل بنى للمفعول أم لا يجوز؟ في ذلك خلاف مشهور، أما أن الحرف المصدري هل يجوز أن يوصل بفعل بنى للمفعول نحو يعجبني أن ضرب عمرو أم يجوز؟ ذلك محل النزاع:
(تلك خيلي منه وتلك ركابي * هن صفر أولادها كالزبيب) هو للأعشى من قصيدة يمدح بها أبا الأشعث بن قيس عند قوله تعالى (صفراء فاقع لونها تسر الناظرين) وعن علي رضي الله عنه: من ليس نعلا صفراء قل همه. وعن الحسن البصري: صفراء فاقع لونها: سوداء شديدة السواد، ولعله مستعار من صفة الإبل لأن سوادها يعلوه صفرة، وبه فسر قوله تعالى (جمالات صفر) وقوله كالزبيب: أي سود: يعنى خيلي وإبلي السود وأولادها من الممدوح ونعمته، وقبل البيت:
كل عام يمدني بجموم * عند وضع للضأن أو بنجيب من ديار لهضب القليب * فاض ماء الشؤون فيض الغروب أخلفتني بها قتيلة ميعا * دى وكانت للوعد غير كذوب إن من لام في بنى بنت حسا * ن ألمه أعصه في الخطوب إن قيسا قيس الفعال أبا الأشعث * أمست أصداؤه لشعوب كل عام يمدني البيتين، وبعدهما:
ذاكم الماجد الجواد أبو الأشعث * أهل الندى وأهل السيوب فما قومي بثعلبة بن سعد * ولا بفزازة الشعر الرقابا) عند قوله تعالى (فقد سفه نفسه) قيل انتصاب النفس على التمييز، ويجوز أن يكون من شذوذ تعريف المميز.
والمعنى: ليس قومي بثعلبة وهى اسم قبيلة، ولا بفزازة الكثيرة الشعر بالرقبة، وهذا من شذوذ تعريف المميز.
Página 328