Purificación de la ley exaltada de los horribles relatos fabricados
تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة
Investigador
عبد الوهاب عبد اللطيف وعبد الله محمد الصديق الغماري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1399 AH
Ubicación del editor
بيروت
كُلِّ صَفَّيْنِ مِنَ الصُّفُوفِ السَّبْعَةِ مَسِيرَةُ خَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ لِلرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ، قَدْ مَاجَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، وَقَدْ ضَاقَ كُلُّ صَفٍّ مِنْهُمْ بِالصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ فَهُوَ طَبَقٌ وَاحِدٌ مُتَرَاصُّونَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَبَعْضُهُمْ خَلْفَ بَعْضٍ، فَلَقَدْ خُيِّلَ إِلَيَّ إِنِّي قَدْ نَسِيتُ كُلَّ مَا رَأَيْتُ مِنْ عَجَائِبِ خَلْقِ اللَّهِ الَّذِينَ دُونَهُمْ وَلَمْ يُؤْذَنْ لِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ عَنْهُمْ، وَلَوْ كَانَ أُذِنَ لِي فِي ذَلِكَ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَصِفَهُمْ لَكُمْ، وَلَكِنْ أُخْبِرُكُمْ أَنْ لَوْ كُنْتُ مَيِّتًا قَبْلَ أَجَلِي فَزَعًا من شئ لَمِتُّ عِنْدَ رُؤْيَتِهِمْ وَعَجَائِبِ خَلْقِهِمْ وَدَوِيِّ أَصْوَاتِهِمْ وَشُعَاعِ نُورِهِمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَوَّانِي لِذَلِكَ بِرَحْمَتِهِ وَتَمَامِ نِعْمَتِهِ وَمَنَّ عَلَيَّ بِالثَّبَاتِ عِنْدَمَا رَأَيْتُ مِنْ شُعَاعِ نُورِهِمْ وَسَمِعْتُ مِنْ دَوِيِّ أَصْوَاتِهِمْ بِالتَّسْبِيحِ وَحَدَّدَ بَصَرِي لِرُؤْيَتِهِمْ كَيْلا يُخْطَفَ مِنْ نُورِهِمْ، هُمُ الصَّافُّونَ حَوْلَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ وَالَّذِينَ دُونَهُمُ الْمُسَبِّحُونَ فِي السَّمَوَاتِ، فَحَمِدْتُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا رَأَيْتُ مِنَ الْعَجَائِبِ فِي خَلْقِهِمْ، ثُمَّ جَاوَزْنَاهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ مُتَصَعِّدِينَ إِلَى عِلِّيِّينَ حَتَّى ارْتَفَعْنَا فَوْقَ ذَلِكَ فَانْتَهَيْنَا إِلَى بَحْرٍ مِنْ نُورٍ يَتَلأْلأُ لَا يُرَى لَهُ طَرَفٌ وَلا مُنْتَهًى، فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ حَارَ بَصَرِي دُونَهُ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ كُلَّ شئ مِنْ خَلْقِ رَبِّي قَدِ امْتَلأَ نُورًا وَالْتَهَبَ نَارًا. فَكَادَ بَصَرِي يَذْهَبُ مِنْ شِدَّةِ نُورِ ذَلِكَ الْبَحْرِ، وَتَعَاظَمَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ تَلأْلُؤِهِ وَأَفْزَعَنِي حَتَّى فَزِعْتُ مِنْهُ جِدًّا، فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى مَا رَأَيْتُ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْبَحْرِ وَعَجَائِبِهِ، ثُمَّ جَاوَزْنَاهُ بِإِذْنِ اللَّهِ مُتَصَعِّدِينَ إِلَى عِلِّيِّينَ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَحْرٍ أَسْوَدَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا ظُلُمَاتٌ مُتَرَاكِبَةٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ فِي كَثَافَةٍ لَا يَعْلَمُهَا إِلا اللَّهُ، وَلا أَرَى لِذَلِكَ الْبَحْرِ مُنْتَهًى وَلا طَرَفًا، فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ اسْوَدَّ بَصَرِي وَغُشِيَ عَلَيَّ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ خَلْقَ رَبِّي قَدِ اسْوَدَّ وَاغْتَمَمْتُ فِي الظَّلامِ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا وَظَنَنْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ قَدْ فَاتَنِي وَفَزِعْتُ وَتَعَاظَمَنِي جِدًّا، فَلَمَّا رَأَى جِبْرِيلُ مَا بِي أَخَذَ بِيَدِي وَأَنْشَأَ يُؤْنِسُنِي وَيُكَلِّمُنِي وَيَقُولُ لَا تَخَفْ يَا مُحَمَّدُ، أَبْشِرْ بِكَرَامَةِ اللَّهِ وَاقْبَلْهَا بِقَبُولِهَا، هَلْ تَدْرِي مَا تَرَى وَأَيْنَ يُذْهَبُ بِكَ إِنَّكَ ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ، فَتَثَبَّتْ لِمَا تَرَى مِنْ عَجَائِبِ خَلْقِهِ يُثَبِّتْكَ اللَّهُ، فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى مَا بَشَّرَنِي بِهِ جِبْرِيلُ وَعَلَى مَا رَأَيْتُ مِنْ عَجَائِبِ ذَلِكَ الْبَحْرِ، ثُمَّ جَاوَزْنَاهُ بِإِذْنِ اللَّهِ مُتَصَعِّدِينَ إِلَى عِلِّيِّينَ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَحْرٍ مِنْ نَارٍ يَتَلَظَّى نَارًا وَيَسْتَعِرُ اسْتِعَارًا، وَيَمُوجُ مَوْجًا وَيَأْكُلُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَلِنَارِهِ شُعَاعٌ وَلَهَبٌ سَاطِعٌ، وَفِيهِ دَوِيٌّ وَمَعْمَعَةٌ وَهَوْلٌ هَائِلٌ فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ امْتَلأْتُ هَوْلا وَخَوْفًا وَرُعْبًا، وَظَنَنْتُ أَن كل شئ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ قَدِ امْتَلأَ نَارًا وَغُشِيَ عَلَى بَصَرِي، حَتَّى رَدَدْتُ يَدَيَّ عَلَى عَيْنَيَّ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ هَوْلِ تِلْكَ النَّارِ، فَنَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيلَ فَعَرَفَ مَا بِي مِنَ الْخَوْفِ فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ لَا تَخَفْ تَثَبَّتْ وتجلد بِقُوَّة الله تَعَالَى
1 / 160