وَقَالُوا يَا رَسُول الله قلت هَذَا وَنحن نسْمع مِنْك الحَدِيث فنزيد وننقص ونقدم ونؤخر فَقَالَ: لم أعن ذَلِك وَلَكِن عنيت من كذب عَليّ يُرِيد عيبي وشين الْإِسْلَام، أَو: أَنه إِذا كَانَ الْكَذِب فِي التَّرْغِيب والترهيب فَهُوَ كذب للنبى لَا عَلَيْهِ أَو: أَنه ورد فِي بعض طرق الحَدِيث " من كذب عَليّ مُتَعَمدا ليضل بِهِ النَّاس فليتبوآ مَقْعَده من النَّار، " فَتحمل الرِّوَايَات الْمُطلقَة عَلَيْهِ، لأَنا نجيب عَن شبهتهم الأولى بِأَن السَّبَب الْمَذْكُور لم يثبت إِسْنَاده وَبِتَقْدِير ثُبُوته فَالْعِبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب، وَعَن الثَّانِيَة بِأَن الحَدِيث بَاطِل كَمَا قَالَه الْحَاكِم وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن الْفضل بن عَطِيَّة اتَّفقُوا على تَكْذِيبه، وَقَالَ صَالح جزرة كَانَ يضع الحَدِيث، وَعَن الثَّالِثَة أَنه كذب عَلَيْهِ فِي وضع الْأَحْكَام فَإِن الْمَنْدُوب قسم مِنْهَا وَفِي الْإِخْبَار عَن الله ﷿ فِي الْوَعْد على ذَلِك الْعَمَل بذلك الثَّوَاب، وَعَن الرَّابِعَة بِاتِّفَاق أَئِمَّة الحَدِيث على أَن زِيَادَة: ليضل بِهِ النَّاس ضَعِيفَة، وَبِتَقْدِير صِحَّتهَا لَا تعلق لَهُم بهَا لِأَن اللَّام فِي قَوْله ليضل لَام الْعَاقِبَة لَا. لَام التَّعْلِيل أَو هِيَ للتَّأْكِيد وَلَا مَفْهُوم لَهَا وعَلى هذَيْن الْوَجْهَيْنِ خرج قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاس بِغَيْر علم﴾ لِأَن افتراء الْكَذِب على الله محرم مُطلقًا سَوَاء قصد بِهِ الإضلال أم لَا.
(الصِّنْف الْخَامِس) أَصْحَاب الْأَغْرَاض الدُّنْيَوِيَّة كَالْقصاصِ والشحاذين وَأَصْحَاب الْأُمَرَاء وأمثلة ذَلِك كَثِيرَة (فَمن) أَمْثِلَة الأول مَا أوردهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي مُقَدّمَة كِتَابه قَالَ: صنف بعض قصاص زَمَاننَا كتابا فَذكر فِيهِ أَن الْحسن وَالْحُسَيْن ﵄ دخلا على عمر بن الْخطاب ﵁ وَهُوَ مَشْغُول فَلَمَّا فرغ من شغله رفع رَأسه فرآهما فَقَامَ فقبلهما ووهب لكل وَاحِد مِنْهُمَا ألفا وَقَالَ لَهما: اجعلانى فِي حل، فَمَا عرفت دخولكما فَرَجَعَا وشكراه بَين يَدي أَبِيهِمَا عَليّ بن أبي طَالب ﵁، فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله يَقُول " عمر بن الْخطاب نور فِي الْإِسْلَام سراج لأهل الْجنَّة " فَرَجَعَا فحدثاه فَدَعَا بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاس وَكتب فِيهِ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم حَدثنِي سيدا شباب أهل الْجنَّة عَن أَبِيهِمَا المرتضى عَن جدهما الْمُصْطَفى أَنه قَالَ " عمر نور فِي الْإِسْلَام سراج لأهل الْجنَّة " وَأوصى أَن يَجْعَل فِي كَفنه على صَدره فَوضع فَلَمَّا أَصْبحُوا وجدوه على قَبره، " وَفِيه صدق الْحسن وَالْحُسَيْن وَصدق أَبوهُمَا وَصدق رَسُول الله، عمر نور الْإِسْلَام وسراج أهل الْجنَّة
1 / 13