Purificación del Corán de las calumnias
تنزيه القرآن عن المطاعن
Géneros
وربما قيل في قوله تعالى (إن الساعة آتية أكاد أخفيها) ما فائدة قوله تعالى (أكاد أخفيها)؟ وجوابنا ان المراد أخفى ما فيها لما في ذلك من المصلحة فإن أراد تعالى أخفى موت كل أحد ففي ذلك مصلحة لأنه متى علم وقت موته كان ذلك إغراء بالمعاصي أن تطاول وإلجاء الى الطاعة أن تقارب وإن أراد تعالى ما يظهر من زوال التكليف وحصول أشراط الساعة فقد أخفاها والمصلحة فيها ظاهرة لما بينا فلما كان ذلك مصلحة أخفاها تعالى وذكر ذلك بهذا اللفظ معتاد لقرب الامر والفائدة فيه أن يظن قربها فيكون المرء الى الطاعة أقرب ولذلك قال تعالى (لتجزى كل نفس بما تسعى).
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (إن هذان لساحران يريدان) لحن ظاهر فكيف يجوز ذلك في القرآن؟ وجوابنا أن كثيرا من القراء قرأ إن هذين وهي مروية عن الحسن وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وعمرو بن عبيد وعيسى بن عمر وعاصم وقد حكى عن الزهري وغيره أنه قرأ (إن هذان لساحران) بتخفيف ان وروي أيضا ذلك عن عاصم وبعد فإذا جاز في الحقائق أن يعدل عنها الى المجاز في كتاب الله لم يمتنع مثل ذلك فيما ذكرته فيكون تعالى ذكر إن وأراد غيره كما قيل إن معناه نعم وأجل وقد قيل إن ذلك لغة بني الحارث بن كعب يقولون رأينا الزيدان وقيل شبهت الالف بقول القائل يفعلان فلم تغير قال الزجاج فيها اضمار والمعنى إنه هذان لساحران وقيل لما كان هذا يستعمل في موضع الرفع والنصب والخفض على أمر واحد لم تغير التثنية وأجريت مجرى الواحد وإذا كان في القرآن يدعى الحذف في مواضع كثيرة ليصح المعنى فما الذي يمنع من أن يدعى في ذلك حذف يخرج معنى الكلام من أن يكون لحنا وإذا صح ذلك فالحذف الذي يصح فيه كثير لا معنى لعده.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (قال بل ألقوا) كيف يصح من موسى عليه السلام أن يأمر بذلك وهذا الفعل منهم قبيح؟ وجوابنا أنه أمر بشرط فإنه قال إن كنتم محقين فيما تدعون فافعلوا وهذا كما يقول الحاكم للمنكر احلف على ما أنكرت فيكون مراده مثل ذلك ولا يمتنع أن يقال إن الالقاء اذا انكشف به المعجز من موسى صلى الله عليه وسلم جاز أن يحسن من وجه فلا يكون قبيحا من كل وجه.
Página 255