Purificación del Corán de las calumnias
تنزيه القرآن عن المطاعن
Géneros
وربما قيل في قوله تعالى (وعرضوا على ربك صفا) كيف يصح في جميعهم أن يكونوا كذلك في حال المحاسبة. وجوابنا أنه ليس المراد أنهم يعرضون صفا واحدا بل المراد أنهم يعرضون من دون اختلال واختلاط فيشاهد بعضهم بعضا فمن ظهر أنه من أهل الخير يكون سروره بمعرفة الناس بحاله أعظم لوقوف الخلائق على صورة أمره ومن هو من أهل النار يعظم غمه وهو معنى قوله (يوم تبلى السرائر) وبين تعالى بعده التخويف الشديد من المعاصي بقوله (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) وذلك يدل على ان المرء يؤاخذ بالصغائر كما يؤاخذ بالكبائر اذا مات على غير توبة ومعنى (ووجدوا ما عملوا حاضرا) ثواب ما عملوا حاضرا لأن عملهم قد فنى في الحقيقة وقوله من بعد (ولا يظلم ربك أحدا) يدل على أن المعاقب يستحق العقوبة على فعله وعلى أنه تعالى منزه عن الظلم وسائر القبائح وقوله تعالى (إلا إبليس كان من الجن) يدل على انه ليس من الملائكة وقوله (ففسق عن أمر ربه) يدل على أن الفسق هو الخروج إلى عداوة الله وقوله (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني) تحذير شديد عن اتخاذه وليا والقرب منه ولذلك قال (وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا) وقوله تعالى (وما كنت متخذ المضلين عضدا) يدل على أن المضل لاجل إضلاله لا يعينه تعالى ولو كان الاضلال من قبله كما يقول المجبرة لما صح ذلك وقوله تعالى (ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم) يدل على أن الفعل للعبد فلذلك بكتهم على اتخاذ الشركاء من دون الله.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها) وصفهم بالظن وهم يعلمون ذلك في الآخرة.
وجوابنا انه أراد بالظن العلم ولذلك قال عقبه (ولم يجدوا عنها مصرفا) وقد يذكر في الامور المستقبلة الظن مع العلم لأنه من باب ما يجوز أن يقع ويجوز أن لا يقع فمن حيث كان هذا شأن الشيء في نفسه وهذا حاله جاز أن يعبر عنه بذلك.
[مسألة]
Página 238