Purificación del Corán de las calumnias

Al-Qadi Abd al-Jabbar d. 415 AH
173

Purificación del Corán de las calumnias

تنزيه القرآن عن المطاعن

Géneros

وربما قيل في قوله تعالى (إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين) كيف يجوز ذلك منهم وهم أنبياء أو مرشحون للنبوة. وجوابنا ان محل الولد من أبيه أن ينزله منزلة سائر أولاده فلا يقبح قولهم ان أبانا لفي ضلال مبين اذ مرادهم ذهابه عن انزالهم هذه المنزلة أيضا وبعد فلو قبح لكان ذلك قبل حال التكليف على ما يدل عليه قوله تعالى (أرسله معنا غدا يرتع ويلعب) لان هذا القول لا يليق الا بحال الصبي وفقد كمال العقل وقولهم (اقتلوا يوسف أو اطرحوه) انما صح أيضا لان الحال حال الصبا وفقد كمال العقل فكذلك سائر ما فعلوه بيوسف لما أرسله يعقوب معهم (فان قيل) كيف كانت الحال حال الصبا وقد قال تعالى بعده (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون). وجوابنا انه يحتمل أن يكون بمنزلة قوله تعالى (وأوحى ربك إلى النحل) ويكون بطريقة الالهام أو اظهار أمارة ويحتمل في هذا الايحاء أن يكون الى يعقوب لتقدم ذكر يعقوب.

[مسألة]

وربما قيل ما معنى قوله تعالى (فأكله الذئب) وما معنى (وجاؤ على قميصه بدم كذب) فكيف يصح منهم الكذب ووصف الدم بالكذب. وجوابنا انه يحتمل في قولهم أكله الذئب انهم قالوه تعريضا لا خبرا على التحقيق ويحتمل أن يكونوا قد كذبوا لكنه وقع منهم في حال الصبا فاما قوله (بدم كذب) فمن أحسن ما يوجد في مجاز الكلام فانهم صوروه بخلاف صورته فصار كالكذب ويحتمل أن يكون المراد بدم واقع من كاذب على معنى قوله (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة) أي أهلها وسكانها وقوله تعالى (ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما) يدل على ما قلناه من انه كان ذلك في حال الصبا.

[مسألة]

وربما قيل في قوله تعالى (ولقد همت به وهم بها) أليس ذلك كان بعد البلوغ والنبوة فكيف يصح من الانبياء العزم على الزنا.

وجوابنا ان المراد بقوله (همت) العزيمة منها وبقوله (وهم) الرغبة والشهوة وان كان شديدا في الانصراف عن ذلك وقد يقال هم فلان بكيت وكيت بمعنى اشتهى ويحتمل ما قيل انه هم بها لو لا أن رأى برهان ربه فنفاه عنه بشرط قد وجد ولذلك قال تعالى (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء) وقال بعد ذلك بآيات حاكيا عنها انها قالت (الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين).

[مسألة]

Página 190