Purificación de los Profetas
تنزيه الأنبياء
قلوبنا إلى طاعتك
والخبر الذي يرويه أنس قال: قال رسول الله ص : ما من قلب آدمي إلا وهو بين إصبعين من أصابع الله تعالى فإذا شاء أن يثبته ثبته وإذا شاء أن يقلبه قلبه
الجواب قلنا إن لمن تكلم في تأويل هذه الأخبار ولم يدفعها لمنافاتها لأدلة العقول أن يقول إن الإصبع في كلام العرب وإن كانت هي الجارحة المخصوصة فهي أيضا الأثر الحسن يقال لفلان على ماله وإبله إصبع حسنة أي قيام وأثر حسن قال الراعي واسمه عبيد الله بن الحصين ويكنى بأبي جندل يصف راعيا حسن القيام على إبله
ضعيف العصا بادي العروق ترى له
عليها إذا ما أجدب الناس إصبعا
وقال لبيد
من يبسط الله عليه إصبعا
بالخير والشر بأي أولعا
يملأ له منه ذنوبا مترعا
وقال الآخر
أكرم نزارا واسمه المشعشعا
فإن فيه خصلات أربعا
جدا وجودا ويدا وإصبعا
فالإصبع في كل ما أوردناه المراد بها الأثر الحسن والنعمة فيكون المعنى ما من آدمي إلا وقلبه بين نعمتين لله تعالى جليلتين فإن قيل فما معنى تثنية النعمتين ونعم الله تعالى على عباده لا تحصى كثرة قلنا يحتمل أن يكون الوجه في ذلك نعم الدنيا ونعم الآخرة وثناهما لأنهما كالجنسين أو النوعين وإن كان كل قبيل منهما في نفسه ذا عدد كثير ويمكن أن يكون الوجه في تسميتهم الأثر الحسن بالإصبع هو من حيث يشار إليه بالإصبع إعجابا وتنبيها عليه وهذه عادتهم في تسمية الشيء بما يقع عنده وبما له به علقة وقد قال قوم إن الراعي أراد أن يقول يدا في موضع إصبع لأن اليد النعمة فلم يمكنه فعدل عن اليد إلى الإصبع لأنها من اليد وفي هذه الأخبار وجه آخر وهو أوضح من الوجه الأول وأشبه بمذهب العرب وتصرف ملاحن كلامها وهو أن يكون الغرض في ذكر الإصبع الإخبار عن تيسر تصريف القلوب وتقليبها والفعل فيها عليه جل وعز ودخول ذلك تحت قدرته ألا ترى أنهم يقولون هذا الشيء في خنصري وإصبعي وفي يدي وقبضتي كل
Página 126