Purificación de los Profetas
تنزيه الأنبياء
الكراهة تتعلق بالقبيح وغير القبيح من الحكيم تعالى وكذلك النهي كما جعلنا الأمر منه يتعلق بالواجب وغير الواجب لارتفع الفرق بين الواجب والندب مع ثبوت الفصل بينهما في العقول فإن قيل فما معنى حكايته تعالى عنهما قولهما ربنا ظلمنا أنفسنا وقوله تعالى فتكونا من الظالمين قلنا معناه أنا نقصنا أنفسنا وبخسناها ما كنا نستحقه من الثواب بفعل ما أريد منا من الطاعة وحرمناها الفائدة الجليلة من التعظيم من ذلك الثواب وإن لم نكن مستحقا قبل أن نفعل الطاعة التي نستحق بها فهو في حكم المستحق فيجوز أن يوصف من فوت نفسه بأنه ظالم لها كما يوصف بذلك من فوت نفسه المنافع المستحقة وهذا هو معنى قوله تعالى فتكونا من الظالمين فإن قيل فإذا لم يقع من آدم (ع) على قولكم معصية فلم أخرج من الجنة على سبيل العقوبة وسلب لباسه على هذا الوجهة ولو لا أن الإخراج من الجنة وسلب اللباس على سبيل الجزاء على الذنب لما قال الله تعالى فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما وقال تعالى في موضع آخر فأخرجهما مما كانا فيه قلنا نفس الإخراج من الجنة لا يكون عقابا لأن سلب اللذات والمنافع ليس بعقوبة وإنما العقوبة هي الضرب والألم الواقعان على سبيل الاستخفاف والإهانة وكذلك نزع اللباس وإبداء السوءة ولو كانت هذه الأمور مما يجوز أن تكون عقابا ويجوز أن يكون غيره لصرفناها عن باب العقاب إلى غيره بدلالة أن العقاب لا يجوز أن يستحقه الأنبياء (ع) فإذا فعلنا ذلك فيما يجوز أن يكون واقعا على سبيل العقوبة فهو أولى فيما لا يجوز أن يكون كذلك فإن قيل فما وجه ذلك إن لم تكن عقوبة قلنا لا يمتنع أن يكون الله تعالى علم أن المصلحة تقتضي تبقية آدم (ع) في الجنة وتكليفه فيها متى لم يتناول من الشجرة فمتى تناول منها تغيرت الحال في المصلحة وصار إخراجه عنها وتكليفه في دار
Página 12