Tanzih Anbiya
تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء
Géneros
وقد صرح المؤلف بعبارات دالة ، وإن كانت في نظر القارئ اليوم شديدة قاسية ، فقال في ذكر أولئك الوعاظ والقصاصين وأشباه المؤرخين : «وغرض هؤلاء الفسقة في سرد تلك الحكايات المورطة قائلها وناقلها في سخط الله تعالى أن يهونوا الفسوق والمعاصي على بله العوام ويتسللوا إلى الفجور بالنساء ، بذكرها ، حتى ترى المرأة تخرج من مجلس الواعظ إلى منزله فتسأله عن التفصيل فيزيدها أقبح مما أسمعها في الجمهور ، يقول لها : هذا أمر ما سلم منه عظماء المرسلين فكيف نحن؟ فلا يزال يهون عليها ما كان يصعب من قبل!!».
ولم يصرح ابن خمير باسم واحد من هؤلاء القصاصين ، وأشباه الخطباء ، وضعفاء حفظة الأخبار والتواريخ المتهاونين ، لكن المؤلف رحمه الله كان يشير إلى أسماء بأعيانها ، وإلى ظاهرة كانت متفشية من هؤلاء ، ونقرأ في (صلة الصلة) لابن الزبير في ترجمة ابن المحلي السبتي (1)، والمؤلف معاصر لهذين العلمين ، إن ابن المحلي هذا «كان يعظ الناس بمسجد مقبرة زقلو من سبتة. قال : حضرت بعض مجالسه وكلامه في التفسير على المنبر بالمسجد المذكور ، وكان فصيحا ، لسنا ، مفوها ، نبيل الأغراض في وعظه وتحليقه ، حسن التناول ، لا يشارك وعاظ الوقت في شيء من محدثات مرتكباتهم ، إنما يذكر الآية وتفسيرها تفسيرا مستوفى ، وينيط بذلك ما يلائم الحال والمقال من حكايات الصالحين ، وإشارتهم على أحسن نهج وأبدع نسج ، يأخذ من مجالسه الطالب بحظه ، والعامي بنافع الترغيب والترهيب من مقصود وعظه ..».
وهكذا ميز ابن الزبير ، وهو من هو علما وفضلا في زمانه ؛ بين الوعظ ، والقصص ، والتفسير المنهجي السليم ، وبين التزيدات والخزعبلات والأضاليل التي كان يوردها أولئك الذين هاجمهم ابن خمير السبتي في كتابه هذا (تنزيه الأنبياء) أو هاجم أمثالهم.
Página 15