203

Iluminación de las Relaciones: Explicación del Muwatta de Malik

تنوير الحوالك شرح موطأ مالك

Editorial

المكتبة التجارية الكبرى

Ubicación del editor

مصر

[٧٣٩] عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ أَن رَسُول الله ﷺ افرد الْحَج قَالَ النَّوَوِيّ قد اخْتلفت رِوَايَات الصَّحَابَة ﵃ فِي صفة حجَّة النَّبِي ﷺ حجَّة الْوَدَاع هَل كَانَ مُفردا أم قَارنا أم مُتَمَتِّعا وَقد ذكر البُخَارِيّ وَمُسلم رواياتهم كَذَلِك وَطَرِيق الْجمع أَنه ﷺ كَانَ أَولا مُفردا ثمَّ أحرم بِالْعُمْرَةِ بعد ذَلِك وأدخلها على الْحَج فَصَارَ قَارنا فَمن روى الافراد فَهُوَ الأَصْل وَمن روى الْقرَان اعْتمد آخر الْأَمريْنِ وَمن روى التَّمَتُّع أَرَادَ التَّمَتُّع اللّغَوِيّ وَهُوَ الِانْتِفَاع والارتفاق وَقد ارتفق بالقران كارتفاق الْمُتَمَتّع وَزِيَادَة وَهُوَ الِاقْتِصَار على فعل وَاحِد وَبِهَذَا الْجمع تنتظم الْأَحَادِيث كلهَا ثمَّ قَالَ فَإِن قيل كَيفَ وَقع الِاخْتِلَاف بَين الصَّحَابَة ﵃ فِي صفة حجَّته ﷺ وَهِي حجَّة وَاحِدَة وكل وَاحِد يخبر عَن مُشَاهدَة فِي قصَّة وَاحِدَة قَالَ القَاضِي عِيَاض قد أَكثر النَّاس الْكَلَام على هَذِه الْأَحَادِيث فَمن مجيد منصف وَمن مقصر متكلف وَمن مطيل مكثر وَمن مقتصر مُخْتَصر قَالَ وأوسعهم فِي ذَلِك نفسا أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ فَإِنَّهُ تكلم فِي ذَلِك فِي زِيَادَة على ألف ورقة وَتكلم مَعَه فِي ذَلِك أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ ثمَّ أَبُو عبد الله بن أبي صفرَة ثمَّ الْمُهلب وَالْقَاضِي أَبُو عبد الله بن المرابط وَالْقَاضِي أَبُو الْحسن بن الْقصار الْبَغْدَادِيّ والحافظ أَبُو عمر بن عبد الْبر وَغَيرهم قَالَ القَاضِي عِيَاض وَأولى مَا يُقَال فِي هَذَا على مَا لخصناه من كَلَامهم واخترناه من اختياراتهم مِمَّا هُوَ اجْمَعْ للروايات وأشبه بمساق الْأَحَادِيث أَن النَّبِي ﷺ أَبَاحَ للنَّاس فعل هَذِه الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة ليدل على جَوَاز جَمِيعهَا إِذْ لَو أَمر بِوَاحِد لَكَانَ يظنّ أَن غَيره لَا يَجْزِي فأضيف الْجَمِيع إِلَيْهِ وَأخْبر كل وَاحِد بِمَا أَمر بِهِ وأباحه وَنسبه إِلَى النَّبِي ﷺ إِمَّا لأَمره بِهِ وَإِمَّا لتأويله عَلَيْهِ وَأما أحرامه ﷺ بِنَفسِهِ فَأحْرم بالأفضل مُفردا بِالْحَجِّ وَبِه تظاهرت الرِّوَايَات الصَّحِيحَة وَأما الرِّوَايَات بِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَتِّعا فمعناها أَمر بِهِ وَأما الرِّوَايَات بِأَنَّهُ كَانَ قَارنا فاخبار عَن حَالَته الثَّانِيَة لَا عَن ابْتِدَاء إِحْرَامه بل إِخْبَار عَن حَاله حِين أَمر أَصْحَابه بالتحلل من حجهم وَقَلبه إِلَى عمْرَة لمُخَالفَة الْجَاهِلِيَّة إِلَّا من كَانَ مَعَه هدي فَكَانَ هُوَ ﷺ وَمن مَعَه هدي فِي آخر إحرامهم قارنين بِمَعْنى أَنهم أدخلُوا الْعمرَة على الْحَج وَفعل ذَلِك مواساة لأَصْحَابه وتأنيسا لَهُم فِي فعلهَا فِي أشهر الْحَج لكَونهَا كَانَت مُنكرَة عِنْدهم فِي أشهر الْحَج وَلم يُمكنهُ التَّحَلُّل مَعَهم لسَبَب الْهَدْي وَاعْتذر إِلَيْهِم بذلك فِي ترك مواساتهم وَصَارَ رَسُول الله ﷺ قَارنا فِي آخر أمره وَقد اتّفق جُمْهُور الْعلمَاء على جَوَاز إِدْخَال الْحَج على الْعمرَة وشذ بعض النَّاس فَمَنعه وَقَالَ لَا يدْخل إِحْرَام على إِحْرَام كَمَا لَا تدخل صَلَاة على صَلَاة وَاخْتلفُوا فِي إِدْخَال الْعمرَة على الْحَج فجوزه أَصْحَاب الرَّأْي وقو قَول الشَّافِعِي لهَذِهِ الْأَحَادِيث وَمنعه آخَرُونَ وَجعلُوا هَذَا خَاصّا بِالنَّبِيِّ ﷺ لضَرُورَة الاعتمار حِينَئِذٍ فِي اشهر الْحَج وفعلها مَعَ الْحَج لِأَن لفظ التَّمَتُّع يُطلق على معَان فانتظمت الأحاديت واتفقت قَالَ القَاضِي وَقد قَالَ بعض عُلَمَائِنَا أَنه أحرم ﷺ إحراما مُطلقًا ينْتَظر مَا يُؤمر بِهِ من إِفْرَاد أَو تمتّع أَو قرَان ثمَّ أَمر بِالْحَجِّ ثمَّ أَمر بِالْعُمْرَةِ مَعَه فِي وَادي العقيق بقوله صل فِي هَذَا الْوَادي الْمُبَارك وَقل عمْرَة فِي حجَّة قَالَ القَاضِي وَالَّذِي سبق أمتن وَأحسن فِي التَّأْوِيل قَالَ وَلَا يَصح قَول من قَالَ إِنَّه أحرم إحراما مُطلقًا مُبْهما لآن رِوَايَة جَابر وَغَيره من الصَّحَابَة فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة مصرحة بِخِلَافِهِ وَقَالَ الْخطابِيّ قد أنعم الشَّافِعِي فِي بَيَان هَذَا فِي كتاب اخْتِلَاف الحَدِيث وجود الْكَلَام قَالَ الْخطابِيّ وَفِي اقتصاص كل مَا قَالَه تَطْوِيل وَلَكِن الْوَجِيز الْمُخْتَصر من جَوَامِع مَا قَالَ إِن مَعْلُوما فِي لغ الْعَرَب جَوَاز إِضَافَة الْفِعْل إِلَى الْآمِر كجواز إِضَافَته إِلَى الْفَاعِل كَقَوْلِك بني فلَان دَارا أَي أَمر ببنائها ورجم النَّبِي ﷺ مِنْهُم الْمُفْرد والمتمتع والقارن كل مِنْهُم يَأْخُذ عَنهُ أَمر نُسكه ويصدر عَن تَعْلِيمه فَجَاز أَن يُضَاف كلهَا إِلَى رَسُول الله ﷺ على معنى أَمر بهَا وَأذن فِيهَا قَالَ يحْتَمل أَن بَعضهم سَمعه يَقُول لبيْك بِحجَّة فَحكى أَنه أفرد وخفي عَلَيْهِ قَوْله وَعمرَة فَلم يحك إِلَّا مَا سمع وَسمع أنس وَغَيره الزِّيَادَة وَهِي لبيْك بِحجَّة وَعمرَة وَلَا يُنكر قبُول الزِّيَادَة وَإِنَّمَا يحصل التَّنَاقُض لَو كَانَ الزَّائِد نافيا لقَوْل صَاحبه وَأما إِذا كَانَ مثبتا لَهُ وزائدا عَلَيْهِ فَلَيْسَ فِيهِ تنَاقض
[٧٥٨] مَالك أَنه بلغه أَن رَسُول الله ﷺ اعْتَمر ثَلَاثًا عَام الْحُدَيْبِيَة وعام الْقَضِيَّة وعام الْجِعِرَّانَة وَصله الْبَزَّار من حَدِيث جَابر

1 / 250