على الأمم الذين بادوا كعادٍ وثمود، وطسم وجديس، وأضرابهم، فإذا احتاج إالى توليد أشعار يؤكد بها تلك الأخبار خرج إلى ظاهر المدينة لامتحان الأعراب ملتمسًا من يحسن قول الشعر فإذا عثر على واحد عدل به إالى منزله فغدَّاه وكساه وحباه ثم سأله أن يقول شعرًا من جنس ما يريده فكانوا يعملون له مثل:
كَلَمونٌ هدّ ركني ... هلكهُ وَسْطَ المحلهْ
وهذا الرجل هو الذي ادعى على آدم ﵇ أنه كان شاعرًا وروى له:
تغيرت البلاد ومن عليها ... فوجهُ الأرض مغيرٌ قبيحُ
تغَيّرَ كلُّ ذي طعمٍ وريح ... وقلَّ بشاشةُ الوجهِ المليح
وبُدّل أهلُها أثلًا وخَمْطًا ... بجناتٍ من الفردوس فيح
وجاورنا عدوٌ ليس ينأى ... لعينٌ ما يموت فنستريحُ
فلولا رحمةُ الخلاق أضحى ... يكفي من جنان الخلد ريحُ
فيا أسفي على هابيلَ إبني ... قتيلًا قد توسدَ في الضريح
فنسل بغباوته إلى نبيٍّ من أنبياء الله شعرًا ركيكًا واهي الركن ضعيف الأسر ذا إقواء ولم يعلم أن الإقواء من أكبر عيوب العشر وليت شعري ما معنى قوله: تغير البلاد؟ وأين رقاع هذه البلاد؟ ومن كان بانيها؟ وماذا أراد بقوله: ومن عليها؟
1 / 18