١٢٤ - وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» .
١٢٥ - وَفِي خَبَرٍ آخَرَ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِائَةَ مَرَّةٍ» .
فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَسْتَغْفِرُ وَيَتُوبُ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَا تَأَخَّرَ، فَالَّذِي لَمْ يَظْهَرْ حَالُهُ أَنَّهُ أَغُفِرَ لَهُ أَمْ لَا، كَيْفَ لَا يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ وَقْتٍ وَكَيْفَ لَا يَجْعَلُ لِسَانَهُ أَبَدًا مَشْغُولًا بِالِاسْتِغْفَارِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿بَلْ يُرِيدُ الإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ [القيامة: ٥]، يَعْنِي يُقَدِّمُ ذُنُوبَهُ وَيُؤَخِّرُ تَوْبَتَهُ وَيَقُولُ سَأَتُوبُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ عَلَى شَرِّ مَا كَانَ عَلَيْهِ فَيَمُوتُ عَلَيْهِ.
١٢٦ - وَرُوِيَ عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «هَلَكَ الْمُسَوِّفُونَ» .
وَالْمُسَوِّفُ مَنْ يَقُولُ سَوْفَ أَتُوبُ.
فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ وَقْتٍ، حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ تَائِبٌ.
لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَابِلٌ التَّوْبَةَ حَيْثُ قَالَ: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾ [الشورى: ٢٥]: يَعْنِي يَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ إِذَا تَابُوا وَرَجَعُوا.
فَالتَّوْبَةُ أَنْ يَنْدَمَ عَلَى ذَنْبِهِ بِالْقَلْبِ، وَيَسْتَغْفِرَ بِاللِّسَانِ، وَيُضْمِرَ أَنْ لَا يَرْجِعَ إِلَيْهِ أَبَدًا
١٢٧ - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، ثَلَاثًا، غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ، وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ.