ثُمَّ الْخَامِسَةَ وَمَنْ فِيهَا، ثُمَّ السَّادِسَةَ وَمَنْ فِيهَا، ثُمَّ السَّابِعَةَ وَمَنْ فِيهَا، حَتَّى يَكُونُوا سَبْعَ صُفُوفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، بَعْضُهُمْ فِي جَوْفِ بَعْضٍ، وَأَهْلُ الْأَرْضِ لَا يَأْتُونَ قُطْرًا مِنْ أَقْطَارِهَا إِلَّا وَجَدُوا عِنْدَهُ سَبْعَ صُفُوفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.
فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ﴾ [الرحمن: ٣٣]، وَقَالَ: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلا﴾ [الفرقان: ٢٥] .
٤٧ - وَرَوَى أَبُوَ هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِّي نَصَحْتُ لَكُمْ، فَإِنَّمَا هِيَ أعَمَالُكُمْ فِي صُحُفِكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ تَعَالَى، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ "، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى جَهَنَّمَ فَيَخْرُجُ مِنْهَا عُنُقٌ طَوِيلٌ سَاطِعٌ مُظْلِمٌ مُتَكَلِّمًا، فَيَقُولُ اللَّهُ ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿٦٠﴾ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴿٦١﴾ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ﴿٦٢﴾ هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴿٦٣﴾ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [يس: ٦٠-٦٤]، فَتَجْثُو الْأُمَمُ.
وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا﴾ [الجاثية: ٢٨] الْآيَةَ.
فَيَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ خَلْقِهِ، وَيَقْضِي بَيْنَ الْوُحُوشِ، وَالْبَهَائِمِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَنْتَقِمُ لِلشَّاةِ الْجَمَّاءِ مِنَ ذَاتِ الْقَرْنِ، ثُمَّ يَقُولُ كُونِي تُرَابًا.
فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا.
ثُمَّ يَقْضِي بَيْنَ الْعِبَادِ.
٤٨ - وَرَوَى نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا وَلَدَتْهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ، حُفَاةً عُرَاةً»، فَقَالَتْ عَائِشَةٌ ﵂ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، قَالَ: «نَعَمْ» فَقَالَتْ عَائِشَةٌ وَاسَوْأَتَاهُ! يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ.
فَضَرَبَ عَلَى مِنْكَبِهَا وَقَالَ: " يَا ابْنَةَ أَبِي قُحَافَةَ، شُغِلَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّظَرِ، وَشَخَصُوا بِأَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ مَوْقُوفِينَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْعَرَقُ قَدَمَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ سَاقَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ بَطْنَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا مِنْ طُولِ الْوُقُوفِ، ثُمَّ تَقُومُ الْمَلَائِكَةُ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ، فَيَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى مُنَادِيًا يُنَادِي أَيْنَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانَةٍ، فَيُشْرِفُ النَّاسُ أَيْ فَيَرْفَعُ النَّاسُ رُؤُوسَهُمْ لِذَلِكَ الصَّوْتِ، وَيَخْرُجُ ذَلِكَ الْمُنَادِي مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقِفِ، فَإِذَا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ
1 / 61