Introducción a la Historia de la Filosofía Islámica
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
Géneros
31
وقد يصح أن يعد من الفقهاء شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية الحنبلي المتوفى سنة 751ه/1350م، وليس ابن قيم الجوزية ولا أستاذه شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد المعروف بابن تيمية المتوفى سنة 728ه/1327م من أنصار الفلسفة، لكنهما ممن اتصل بها، وألم بعلومها فيما ألما به من مختلف العلوم، وأسلوبهما في النقد والجدل عنيف، غير أن نفحات النظر العميق والاطلاع الواسع تخفف من لذع أسلوبهما.
وقد عرض ابن قيم الجوزية في كتاب «مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة» لنقد العلوم الفلسفية، فقال مبينا ما في المنطق من تهافت وقلة جدوى، ومشيرا إلى صلته بالدين وحكم الشرع في تعلمه «وأما المنطق فلو كان علما صحيحا كان غايته أن يكون كالمساحة والهندسة ونحوها، فكيف وباطله أضعاف حقه، وفساده وتناقض أصوله واختلاف مبانيه توجب مراعاتها للذهن أن يزيغ في فكره، ولا يؤمن بهذا إلا من قد عرفه وعرف فساده وتناقضه ومناقضة كثير منه للعقل الصريح، وأخبر بعض من كان قد قرأه وعني به، أنه لم يزل متعجبا من فساد أصوله وقواعده، ومباينتها لصريح المعقول، وتضمنها لدعاوى محضة غير مدلول عليها، وتفريقه بين متساويين، وجمعه بين مختلفين، فيحكم على الشيء بحكم، وعلى نظيره بضد ذلك الحكم، أو يحكم على شيء بحكم ثم يحكم على مضاده أو مناقضه به .
قال: إلى أن سألت بعض رؤسائه وشيوخ أهله عن شيء من ذلك، فأفكر فيه ثم قال: هذا علم قد صقلته الأذهان، ومرت عليه من عهد القرون الأوائل، أو كما قال، فينبغي أن نتسلمه من أهله، وكان هذا من أفضل ما رأيت في المنطق، قال: إلى أن وقفت على رد متكلمي الإسلام عليه، وتبيين فساده وتناقضه، فوقفت على مصنف لأبي سعيد السيرافي النحوي في ذلك، وعلى رد كثير من أهل الكلام والعربية عليهم كالقاضي أبي بكر بن الطيب، والقاضي عبد الجبار، والجبائي وابنه، وأبي المعالي، وأبي القاسم الأنصاري، وخلق لا يحصون كثرة، ورأيت استشكالات فضلائهم ورؤسائهم لمواضع الإشكال ومخالفتها ما كان ينقدح لي كثير منه، ورأيت آخر من تجرد للرد عليهم شيخ الإسلام - قدس الله روحه - فإنه أتى في كتابيه الكبير والصغير بالعجب العجاب، وكشف أسرارهم وهتك أستارهم، فقلت في ذلك:
واعجبا لمنطق اليونان
كم فيه من إفك ومن بهتان
مخبط لجيد الأذهان
ومفسد لفطرة الإنسان
مضطرب الأصول والمباني
على شفا هار بناه الباني
Página desconocida