Introducción a la Historia de la Filosofía Islámica
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
Géneros
وقال الغزالي في «الإحياء»: «بل الكتب والتصانيف محدثة، لم يكن شيء منها في زمن الصحابة وصدر التابعين، وإنما حدثت بعد سنة مائة وعشرين من الهجرة، وبعد وفاة جميع الصحابة وجلة التابعين - رضي الله عنهم - وبعد وفاة سعيد بن المسيب والحسن وخيار التابعين، بل كان الأولون يكرهون كتب الأحاديث وتصنيف الكتب، لئلا يشتغل الناس بها عن الحفظ وعن القرآن وعن التدبر والتذكر، وقالوا: احفظوا كما كنا نحفظ، وكان أحمد بن حنبل ينكر على مالك تصنيف «الموطأ»، ويقول: ابتدع ما لم تفعله الصحابة رضي الله عنهم، وقيل أول كتاب صنف في الإسلام كتاب ابن جريج في الآثار وحروف التفاسير عن مجاهد وعطاء وأصحاب ابن عباس، - رضي الله عنهم - بمكة، ثم كتاب معمر بن راشد الصنعاني (المتوفى سنة 154ه/771م) باليمن جمع فيه سننا مأثورة نبوية، ثم كتاب «الموطأ» بالمدينة لمالك بن أنس، ثم «جامع» سفيان الثوري، ثم في القرن الرابع حدثت مصنفات الكلام وكثر الخوض في الجدال والغوص في إبطال المقالات.»
137
وفي كتاب «مختصر جامع بيان العلم»: «وعن عبد العزيز بن محمد الداروردي قال: أول من دون العلم وكتبه ابن شهاب، وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه قال: كنا نكتب الحلال والحرام، وكان ابن شهاب يكتب كل ما سمع، فلما احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس، وعن الحسن أنه كان لا يرى بكتاب العلم بأسا، وقد كان أملى التفسير فكتب، وعن الأعمش قال: قال الحسن: إن لنا كتبا نتعاهدها، وعن هشام بن عروة، عن أبيه أنه قد احترقت كتبه يوم الحرة وكان يقول: وددت لو أن عندي كتبي بأهلي ومالي.»
138
ويقول جولدزيهر في مقاله عن كلمة «فقه» في دائرة المعارف الإسلامية: «وينبغي ألا يعطى كبير ثقة لما نسب لهشام بن عروة، من أنه في يوم الحرة حرقت لأبيه كتب فقه، ولا يمكن أن يتصور بحال أنه في ذلك العهد البعيد كانت توجد كتب بالمعنى الصحيح، وإنما هي صحائف متفرقة، وتوفي عروة سنة 94ه/712م، وتلك السنة هي التي كانت تسمى سنة الفقهاء لكثرة من مات فيها من الفقهاء ...»
لكن جولدزيهر يذكر في المقال الذي أشرنا إليه آنفا ما يأتي: «وقد اكتشف جرفيني بين المخطوطات القديمة في المكتبة الأمبروزية بميلانو الخاصة ببلاد العرب الجنوبية مختصرا في الفقه اسمه «مجموعة زيد بن علي» المتوفى سنة 122ه/740م، وهو منسوب إلى مؤسس فرقة الزيدية من الشيعة، وعلى ذلك تكون هذه المجموعة أقدم مجموعة في الفقه الإسلامي.
وعلى كل حال ينبغي أن يوضع هذا الكتاب موضع الاعتبار فيما يتعلق بتاريخ التأليف في الفقه الإسلامي، وإذا صح أنه وصل إلينا من بطانة زيد بن علي، وجب أن نعترف بأن أقدم ما وصل إلينا من المصنفات الفقهية هو من مؤلفات الشيعة الزيدية، على أن البحث الذي أثير لتعيين مركز هذا الباب بين المؤلفات الفقهية لم يكمل.»
وعلى الجملة فإنه إذا كان دون شيء لضبط معاقد القرآن والحديث ومعانيهما في عهد بني أمية، أو دون شيء مما يتصل بالقضاء في هذا العهد أيضا كما يقول السكتواري في كتاب «محاضرة الأوائل ومسامرة الأواخر»: «أول القضاة بمصر سجل سجلا بقضائه، سليم بن عز؛ قضى في ميراث وأشهد فيه، وكتب كتابا بالقضاء به وأشهد فيه شيوخ الجند؛ فكان أول القضاة تسجيلا، وكانت ولايته من سنة أربعين إلى موت معاوية - رضي الله عنه - سنة ستين» (أوائل السيوطي).
139
فإن التدوين في الفقه بالمعنى المحدث لم يكن إلا في عهد العباسيين . هذا هو الرأي الذي يكاد يكون مقررا ومجمعا عليه بين الباحثين.
Página desconocida