Introducción a la Historia de la Filosofía Islámica

Mustafa Abdel Razzaq d. 1366 AH
144

Introducción a la Historia de la Filosofía Islámica

تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية

Géneros

وإذا كان شرع من قبلنا معتبرا في التشريع الإسلامي حين لا يرد في الإسلام ما يبطله، فمعنى ذلك أن شرائع من قبلنا كانت أصلا من أصول التشريع في صدر الإسلام، يثبت بها الحكم فيما لم يرد في الدين الجديد.

وقد ذكر علماء الأصول الاستصحاب باعتباره أصلا من أصول الفقه في بعض المذاهب.

قال الشوكاني: «الاستصحاب أي استصحاب الحال لأمر وجودي أو عدمي عقلي أو شرعي، ومعناه أن ما ثبت في الزمن الماضي فالأصل بقاؤه في الزمن المستقبل، مأخوذ من المصاحبة وهو بقاء ذلك الأمر ما لم يوجد ما يغيره؛ فيقال الحكم الفلاني قد كان فيما مضى، وكل ما كان فيما مضى ولم يظن عدمه فهو مظنون البقاء ... العقل في الأحكام الشرعية كبراءة الذمة من التكليف حتى يدل دليل شرعي على تغيره، وكنفي صلاة سادسة.

قال القاضي أبو الطيب: وهذا حجة بالإجماع من القائلين بأنه لا حكم قبل الشرع، قال: الثالثة: استصحاب الحكم العقلي عند المعتزلة، فإن عندهم أن العقل يحكم في بعض الأشياء إلى أن يرد الدليل السمعي، وهذا لا خلاف بين أهل السنة في أنه لا يجوز العمل به؛ لأنه لا حكم للعقل في الشرعيات .

قال: الرابعة: استصحاب الدليل مع احتمال المعارض، إما تخصيصا إن كان الدليل ظاهرا، أو نسخا إن كان الدليل نصا، فهذا أمر معمول به إجماعا، وقد اختلف في تسمية هذا النوع بالاستصحاب، فأثبته جمهور الأصوليين، ومنعه المحققون، منهم: إمام الحرمين في «البرهان»، والكيا في «تعليقه» وابن السمعاني في «القواطع»؛ لأن ثبوت الحكم من ناحية اللفظ لا من ناحية الاستصحاب.

قال: الخامسة: الحكم الثابت بالإجماع في محل النزاع، وهو راجع إلى الحكم الشرعي، بأن يتفق على حكم في حالة ثم تتغير بصفة المجمع عليه؛ فيختلفون فيه فيستدل من لم يغير الحكم باستصحاب الحال، مثاله إذا استدل من يقول إن المتيمم إذا رأى الماء في أثناء صلاته لا تبطل صلاته؛ لأن الإجماع منعقد على صحتها قبل ذلك فاستصحب إلى أن يدل دليل على أن رؤية الماء مبطلة، وكقول الظاهرية يجوز بيع أم الولد؛ لأن الإجماع انعقد على جواز بيع هذه الجارية قبل الاستيلاد، فنحن على ذلك الإجماع بعد الاستيلاد، وهذا النوع هو محل الخلاف كما قاله في «القواطع»، وهكذا فرض أئمتنا الأصوليون الخلاف فيها.»

67

وبذلك يتبين أن الاستصحاب في بعض صوره أصل من أصول التشريع، يزيد على الأصول التي ذكرناها، ويؤيد اعتبار حكم العقل وشرع من قبلنا في تقرير الأحكام العملية في الإسلام.

وبناء على ما ذكرنا تكون مصادر الحكم في عهد النبي غير ضيقة بما تستلزمه حاجات الجماعات ولا حاجات الأفراد. (4) الرأي في عهد الخلفاء الراشدين

مضى عهد النبي

Página desconocida