293

============================================================

السهيد شح معالمر العدل والتوحيل حقه، فحصل إذن من مجموع ما ذكرنا أنا لا نجعل المقابلة شرطا صحة رؤيتنا له تعالى، حتى إذا استحالت في حقه استحال كوننا راثيين له؛ لفوات الشرط، مع آنه مرثي في نفسه وأنه يرى ذاته. وإنما نقول: إن المقابلة في حقه لما كانت مستحيلة استحال جعلها شرطا، وإذا استحال جعلها شرطا كان استحالة رؤيتنا له الآن؛ لأنه ليس بمرئي في نفسه، وإذا كان غير مرئي في نفسه استحال أن يرى ذاته.

السؤال الرابع لو لم تكن المقابلة شرطا لرؤيتنا بالحواس في بعض المرئيات للزم ألا تكون شرطا في رؤيتنا لجميعها، فكان يصح أن يرى الجسم واللون من دون مقابلة، ألا ترى أن العرض لو صح أن يكون عالما من غير أن يكون حيا لعلمنا أن الحيية ليست شرطا في العالمية، فيجب أن لا تشترط الحيية في الجسم وإن صحت عليه؛ لأنها لو اشترطت في الجسم لاشترطت في العرض، فلو قدرنا في العرض كونه عالما من غير أن يكون حيا بطل اشتراط الحيية في العالمية.

وجوابه أنا نقول: الشرط ينقسم إلى ما يكون كالحقيقة فيما هو شرط فيه وإلى ما ليس كذلك فما كان كالحقيقة فيما هو شرط فيه لم يختلف حاله على أي وجه حصل، وهذا كما نقول: القدرة شرط في الفعل، فهي كالحقيقة في حصوله، فلا يعقل فعل من دون قدرة، وكما نقول الحيية شرط في العالمية، لكنها كالحقيقة فيها، فلا يمكن أن يعقل عالم من غير أن يكون حيا، وليست المقابلة حقيقة في الرؤية مطلقا، حتى لا يمكن معقول الرؤية قطعا من غير مقابلة، وهذا حال ما ليس بحقيقة فيما هو شرط فيه، فإنه مختلف كما نقوله في كون اليد آلة للبطش والرجل آلة للمشي والعين آلة في الرؤية واللسان آلة في الكلام، وكذلك سائر الآلات ولكن هذا كله فيما كان ممكن الحصول متصور الوقوع، فأما ما كان مستحيلا فلا يمكن جعله شرطا فضلا عن أن يحكم باختلافه أو اتفاقه.

Página 293