229

============================================================

السهيد شح معالمر العدل والتوحيل يلزم المحالات المذكورة في كونه تعالى مريدا لذاته، فبطل أن يكون مريدا بإرادة قديمة. وإنما قلنا إنه يستحيل آن يكون مريدا بإرادة حادثة؛ فلوجهين: أما أولا فلأن تلك الإرادة الحادثة يكون حدوثها مختصا بوقت مع جواز حدوثها قبل ذلك الوقت أو بعده، فيفتقر اختصاصها بذلك الوقت إلى إرادة أخرى، ويلزم تسلسل الإرادات إلى غير غاية، وهذا محال. لا يقال: إن هذا التسلسل غير لازم. لأن القادر إنما وجب أن يريد فعله الحادث لا لكونه حادثا كيف كان حتى يلزم منه احتياج كل حادث إلى ارادة، بل لأنه مقصود بالدواعي، وليس كذلك الإرادة فإنها غير مقصودة بالداعي، بل الداعي إلى الفعل يدعو إليها تبعا من غير قصد إليها؛ لأنا نقول: هذا باطل؛ لأن الداعي إما أن يكون كافيا في حدوث الأفعال ويخصصها بأوقاتها ووجوهها أو لا يكون كافيا، فإن كان كافيا فلا حاجة بنا إلى الإرادة، وإن لم يكن كافيا وجب احتياج الإرادة إلى إرادة أخرى، سواء كان حدوثها مقصودا أو تابعا.

و أما ثانيا فلأنه تعالى لو كان مريدا بإرادة حاثة لكان لا تخلو تلك الإرادة إما أن تحدث فيه أو في غيره أو لا في محل، والأقسام كلها باطلة، فبطل القول بكونه تعالى مريدا بإرادة حادثة. وأما أنه يستحيل أن تحدث فيه الارادة؛ فلأنه يلزم أن يكون تعالى محلا للحوادث، ال وسيأتي بطلانه في استحالة توابع الجسم عليه. وأما أنه يستحيل أن تكون تلك الإرادة حادثة في غيره؛ فلأن ذلك الغير إما أن يكون حيوانا أو لا يكون، فإن كان حيوانا فهو أحق اا بأن يكون مريدا بها من غيره، وإن لم يكن حيوانا فهو محال؛ لأنا نعلم بالضرورة استحالة حصول الإرادة في المحل الذي لا يكون حيا. وأما أنه يستحيل أن تحدث لا في محل؛ فلوجهين: أما أولا فلأنا لو جوزنا إرادة لا في محل لجوزنا وجود سائر الأعراض لا في محل، وذلك باطل بالاتفاق، فكذلك ما قالوا في الإرادة.

Página 229