186

============================================================

النسهيد شح معالمر العدل والتوحيل في الفم خاصة عند الحموضة الشديدة والحرافة القوية، وكذلك القول في سائر المدركات.

لأنا نقول: هذا باطل لأمرين: أما أولا فلأنا نعلم بالضرورة أن إبصار المرئي حالة إضافية صادرة منه إلى نفس المرئي، ونعلم بالضرورة التفرقة بين هذه الحالة والحالة المسماة بالعلم في صدورهما عنا. قال: ما زعمتم في ذلك فهو مكابرة ومدافعة للضرورة، وإن سعيتم عليه وسميتم تلك الحالة الإضافية الحاصلة لنا عند رؤية المرئي تأثيرا من جهة المرئي كان خلافا في عبارة.

و أما ثانيا فلأنا نبصر المرئي بحيث هو ولو لم يكن إلا تأثير المدرك في الحاسة لما كنا نبصره بحيث هو، فثبت أن حقيقة الادراك جائزة هذه الأمور.

المسألة الثانية في كيفية حصول هذه المدركية ذهب أكثر المعتزلة إلى أن المدرك مهما كان موجودا وكانت الحاسة سليمة وارتفعت الموانع كلها فعند اجتماع هذه الشروط يجب حصول كونه مدركا لا محالة.

وذهبت الأشعرية إلى آنه غير واجب عند حصول هذه الأمور بل يجوز حصوله وألا يحصل، وإلى هذا ذهب أبو الهذيل، والمختار هو الأول. ويدل عليه مسلكان: المسلك الأول دعوى الضرورة على وجوب حصول كونه مدركا عند هذه الأمور، وهو الذي ارتضاه أبو الحسين لنفسة، ثم تارة يقول بأن العلم بوجوب حصول كونه مدركا عند هذه الأمور ضروري، والعلم بكونه ضروريا أيضا ضروري وتارة يقول: العلم بكونه ضروريا نظري: أما بيان الأول وهو كونه ضروريا؛ فلأن كل عاقل خبر الأمور وتكرر إدراكه المدركات فإنه لا يشك أنه إذا شخص ببصره إلى السماء من غير مانع فإنه يستحيل ألا يرى قرص

Página 186