فجميع هذه الأنحاء إنما ترجع إلى قلة العلم بالتبكيت: وذلك هو قياس صحيح الشكل، منتج لنقيض الشىء المقصود إبطاله. فمتى أغفل شىء من شروط القياس الصحيح الشكل، أو من شروط النقيض، عرضت هذه المواضع المغلطة.
فقد تبين من هذا أن جميع هذه المواضع الثلاثة عشر: الستة اللفظية، والسبعة المعنوية، هى راجعة إلى إغفال حد التبكيت الصحيح، أو أجزاء حده، أعنى إغفال حد القياس، أو إغفال حد النقيض، وأن منها ما يرجع إلى إغفال حد النقيض، ومنها ما يرجع إلى إغفال حد القياس، وأن منها ما يرجع إلى الأمرين جميعًا.
والمواضع المغلطة من الألفاظ تشترك كلها فى أنها تخيل فى الشىء الذى ليس بنقيض أنه نقيض.
والمواضع المغلطة من المعانى تشترك كلها فى أنها تخيل فيما ليس بقياس أنه قياس.
وسبب الضلالة العارضة من قبل اشتراك الألفاظ هو العجز عن تفصيل المعانى الكثيرة التى يقال اللفظ الواحد، وبخاصة فى الألفاظ المفردة التى يكثر وجود المعانى الواقعة عليها، ويعسر تمييزها وتفصيلها، مثل تفصيل المعانى التى يقع عليها اسم الواحد والموجود.
وأما سبب الضلالة التى تعرض من قبل قسمة اللفظ وتركيبه: فهو قلة الشعور بالاختلاف الذى يقع فى مفهوم اللفظ إذا قسم تارة، ثم ركب أخرى. وكذلك الغلط الذى يدخل من قبل اشتراك الشكل واختلاف الإعجام: السبب فيه العجز عن تفصيل
1 / 56