146

============================================================

علم البديع الفن الثالث وباقامتها مع الرايات حتى كأها من الجيش، وها يتم حسن الأول. وأكثر هذه الأنواع ونخوها مقبولة، بل منها ما يخرجه حسن التصرف من قبيل الاتباع إلى حيز الابتداع، وكلما كان أشد خفاء كان أقرب إلى القبول. هذا كله إذا علم أن الثاني أخذ من الأول؛ لجواز أن يكون الاتفاق من قبيل توارد الخواطر أي محيئه على سبيل الاتفاق من غير قصد إلى الأخذ. فاذا لم يعلم قيل: قال فلان كذا، وقد سبقه إليه فلان، فقال كذا، ومما يتصل هذا القول في الاقتباس والتضمين والعقد والحل والتلميح. أما الاقتباس فهو أن يضمن الكلام شيئا من القرآن أو الحديث، لا على أنه منه، كقول الحريري: وباقامتها: أي ياقامتها مع الرأيات حنى كافا من الجيش، يتم حسن الأول يعني قوله: إلا أفا لم تقاتل؛ لأنه لا يحسن الاستدراك الذي هو قوله: إلا أها لم تقاتل ذلك الحسن إلا بعد أن يجعل الطير مقيمة مع الرايات معدودة في عداد الجيش حتى يتوهم أها أيضا من المقاتلة. أشد خفاء: بحيث لا يعرف كونه مأخوذا من الأول إلا بعد مزيد تأمل. هذا: أي الذي ذكر في الظاهر وغيره من ادعاء سبق أحدهما وأحذ الثاني منه، وكونه مقبولا أو مردودا، أو تسمية كل بالأسامي المذكورة. توارد الخواطر: نحو قوله: عل الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني وقول سعدي الشيرازي: ك يا موحت علم تير از من را عاقت شاد رد فإذا لم يعلم: أي أن الثاني أحذ من الأول. قال فلان كذا: ليغتنم بذلك فضيلة الصدق، ويسلم من دعوى علم الغيب ونسبة النقص إلى الغير. هذا: أي بالقول في السرقة الشعرية القول في الاقتباس إلخ، ووجحه اتصال القول فيها بالقول في الاقتباس والعقد والحل والتلميح أحذ شيء من الآخر. أنه منه: أي من القرآن أو الحديث، وهذا احتراز عما يقال في الكلام: قال الله تعالى، وقال النبي ل كذا، أو في التتزيل والحديث كذا، فإن هذا لا يكون اقتباسا.

كقول الحريري: مثل في الكتاب أربعة أمثلة، لأن الاقتباس إما من القرآن أو الحديث، وعلى التقديرين فالكلام إما مثور أو منظوم، فالحريري اقتبس "إلا كلمح البصر أو هو أقرب" من القرآن، والشاعر اقتبس "فصير جميل"، و"حسبنا الله ونعم الوكيل" من القرآن، وقول الحريري: شاهت الوحوه اقتباس من لفظ الحديث على ما روي أنه لما اشتدت الحرب يوم حنين أخذ النى كفا من الحصى فرمى ها وجوه المشركين، وقال: شاهت الوحوة وقول ابن عباد: الجنة حفت بالمكاره اقتباس من قوله علتة: حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات

Página 146