واما المشمومات، وهى ذوات الروائح والطعوم، فينبغى ان نقول فيها قولا مفصلا. فنقول انه من البين انه ليس لواحد من الاسطقسات طعم ولا رائحة، وان الطعم والرائحة انما يوجدون للممتزج من جهة ما هو ممتزج. ولما كان كل ممتزج انما صورته منسوبة الى غلبة كيفيتين من الكيفيات الاربع عليه، فيجب ان ننظر الى اى الكيفيات ينبغى ان ينسب الطعم فى الجسم ذى الطعم. فنقول انه لما كان المذوق غذاء للحيوان، وكان الغذاء من شانه ان يكون شبيها بالحيوان، وكان بدن الحيوان منسوبا الى غلبة الحرارة والرطوبة، وجب ان يكون الطعم منسوبا الى غلبة الحرارة والرطوبة. وانما كان ذلك كذلك لان طبيعة الرطب، الذى هو الماء، اشد مناسبة للحيوان من طبيعة الارض. وقد يدل على ان الرطوبة هى سبب الطعم للممتزج ان الاشياء المطعومة منها مطعومة بالقوة، ومنها مطعومة بالفعل. فاما التى هى بالفعل مطعومة، فهى الاشياء الرطبة بالفعل. واما الاشياء اليابسة بالفعل، فهى المطعومة بالقوة. وانما تكون مطعومة بالفعل اذا كانت رطبة بالفعل، كالملح وما اشبهه، فانه لا يتطعم الا بعد ان ينحل ويترطب. واذا كان ذلك كذلك، فالطعم انما يحدث ضرورة عن اختلاط الجزء اليابس بالجزء الرطب، اذا نضج عن الحرارة نضجا ما.
Página 18