وواجب ان تكون الشبكة الداخلة من شباك العين تستنير من الماء الذى فى العين، كما يستنير الماء من الهواء، الا ان القوة الحساسة هى فى افق هذه الشبكة مما يلى القحف لا مما يلى الهواء. ولذلك كانت هذه الشباك، اعنى طبقات العين، حافظة لقوة الحس بكونها متوسطة بينها وبين الهواء. وقد يدل على ان من ضرورة الابصار وصول الضوء الى هذه الشباك، ان الانسان اذا اصابته ضربة على جفنه، اظلمت عينه دفعة، وانطفئ وانطفأ ذلك الضوء الذى كان فى عينيه دفعة، كما ينطفئ المصباح، ولم يبصر شيئا. وسنبين هذه الاشياء اذا يبين كيفية ادراك هذه الحواس، فان هنالك تظهر الاسباب التى اضطرت الى هذه الاشياء التى من خارج فى هذه الحواس الثلاث. واذ قد تبينت خواص هذه القوى فى الآلات والمتوسطات، فلنقل فى المحسوسات الخاصة بهذه القوى. وقد قيل فى كتاب النفس فى هذه المحسوسات قول كلى. والكلام هاهنا فيها اقرب الى الجزئى كما يقول ارسطو.
فنقول انه قد قيل هنالك ان المحسوسات الخاصة بالابصار هى الالوان، وبالسمع الاصوات، وبالشم الروائح، وبالذوق الطعوم، وباللمس الملموسات. والذى بقى من القول فيها هو تعريف طبائعها.
Página 12