والمحلّة التى فيها عشّى الذى منه درجت، وخشّى (^١) الذى عنه خرجت، وأرضه الأرض التى هى أوّل أرض مسّ جلدى ترابها، ولذّ لطرفى آكامها وظرابها (^٢)، وحلا لقلبى أرجاؤها ورحابها، والتى أمطر الرزق علىّ سحابها، ووضعت عنّى بها التمائم وأقمت بها إلى أن طار من رأسى غرابها (^٣)، وهى التى فيها أقول (^٤) [شوقا إليها هذه الأبيات]:
أحنّ إلى أرض الصّعيد وأهلها (^٥) … ويزداد شوقى (^٦) حين تبدو قبابها
وتذكرها فى ظلمة الليل مهجتى … فتجرى دموعى إذ يزيد التهابها
وما صعبت يوما علىّ ملمّة … وشاهدتها إلّا وهانت صعابها
بلاد بها كان الشباب مساعدى … على نيل آمال عزيز طلابها
وقضّيت صفو العيش فى عرصاتها … لذلك يحلو للفؤاد رحابها
مواطن أهلى ثمّ صحبى وجيرتى … وأوّل أرض مسّ جلدى ترابها
فأحببت أن أحيا ما مات من علم علمائها، وأنشر ما انطوى من فضل فضلائها،
_________
(^١) فى ا وب وج خطأ: «وحيثى»، والخش- بفتح الخاء المعجمة وتشديد الشين- الشق، القاموس ٢/ ٢٧٢.
(^٢) الظراب- بكسر الظاء المعجمة- جمع الظرب: كل ما نتأ من الحجارة، وقيل:
الجبل المنبسط، وقيل: الروابى الصغار، ومنه سمى عامر بن الظرب العدوانى أحد فرسان العرب، ومنه حديث الاستسقاء: «اللهم على الآكام والظراب»، انظر: الاشتقاق لابن دريد/ ١٦٤ والصحاح/ ١٧٤، والنهاية ٣/ ٥٤، واللسان ١/ ٥٦٩، والقاموس ١/ ٩٩.
(^٣) كناية عن بياض شعره، وقد أخطأ الأدفوى هنا حيث أعاد الضمير على الرأس مؤنثا، والرأس مذكر.
(^٤) كذا فى س، والزيادة عن التيمورية د، وفى بقية الأصول: «وهى التى فيها أقول شعرا».
(^٥) الضمير فى أهلها يعود إلى الأرض، وجاء فى ا وس: «وأهله» بعودة الضمير إلى الصعيد.
(^٦) فى د: «ويزداد وجدى».
1 / 4