يتمالك «مندور» نفسه: وحضرتك فاكر إن الوقت مفيش رشاوى واستغلال نفوذ؟
يقول «عبد العليم»: الدكتور معاه حق. إحنا قرينا اللي كتبه عن مطار «المنيا» وعلاقة رجال الدولة بكبار الملاك.
يستطرد الدكتور «مندور»: ثم إن «الوفد» مش «عثمان محرم» و«فؤاد سراج الدين» وبس. فيه ناس تانية كويسة ووطنية. المهم إن الوضع الحالي مش نافع. الأسعار بتزيد كل يوم. مصاريف المدارس زادت. والملك بيلعب القمار كل ليلة في نادي السيارات. والمسئولين بيلعبوا «التيرو».
يسأل الشيخ المعمم: هو إيه «التيرو» ده؟ - مراهنات الرماية في نادي الصيد.
تحرك نسمة هواء التراب المكوم على جانب في أول الشارع فيهب علينا. يقول «عبد العليم» إن مصلحة التنظيم تحفر الشوارع وتترك تراب الحفر على الجانبين تنثره العربات والهواء. ثم تأخذ في دك الشوارع بالحجر والزلط ولا تراعي الارتفاع، فيعلو مستوى الأرض عن مستوى الشوارع المقاطعة له فتضطر المصلحة إلى حفره مرة أخرى لمساواته ببقية الشوارع، وهكذا دواليك. يقول الدكتور «مندور» إن المقاولين هم المستفيدون. أصبحوا مليونيرات وعندهم كلاب وموظفون لخدمتها بمرتبات يحلم بها خريجو الجامعة.
يقول «رأفت»: الواحد معدش عارف يركب الأتوبيسات من الزحمة. يقول الدكتور «عزيز» إن الشركات التي وضعت تحت إشراف الحكومة تخسر. التأميم مش نافع. يقول «مندور» منفعلا: ده اللي بيقوله «عبود» باشا. الشركات هي السبب في الزحمة. بتخلي السواقين والكمسارية ياخدوا أكبر عدد من الركاب. عايزين يلموا فلوس قبل ما يسلموا العربيات للحكومة خردة.
ألمح مجلة فوق مكتب الحاج «عبد العليم». أتسلل داخل الدكان وأتناولها. مطوية على صفحة بها إعلان عن فيلم «غرام وانتقام» ل «أسمهان» و«يوسف وهبي». أتناول المجلة وأحملها إلى الخارج. أريها لأبي: فيه فيلم جديد ل «أسمهان». يقول: ده فيلم قديم، عملته قبل متموت. - هي ماتت إمتي؟ - من أربع سنين. مش كده يا «رأفت» أفندي؟
يضع «رأفت» ساقا على ساق. يلمع حذاؤه الأسود في الضوء الضعيف: أيوه مظبوط، أربع سنين.
يعلق «عبد العليم»: لحد الوقت محدش عارف إذا كانت ماتت موتة ربنا أو حد قتلها.
يقول الدكتور «عزيز»: طبعا ماتت مقتولة. الأوتوموبيل نزل في المية من غير السواق. راح فين؟
Página desconocida