تحضر «خضرة» صينية كعك وغريبة. تضعها فوق مائدة صغيرة أمام أبي . تقدم إلي «نبيلة» طبقا صغيرا. أضع فيه قطعتين. أقضم واحدة محشوة بالملبن. يتناول أبي قطعة «غريبة». يأكلها في استحسان. يقول إنها معمولة جيدا لأنها ذابت في فمه على الفور. تقول «نبيلة» في زهو: صنعة إيدي، تعليم ماما الله يرحمها. يقول لي أبي: دوق واحدة. أهز رأسي نفيا. تقول باستهجان: ما ليش نفس. ما ليش نفس. حتفضل ترفع كده لغاية ما تطير. يعلق «فهمي» باسما وهو يتجنب النظر إليها: شوفوا مين بيتكلم. يتناول كعكة. تلتفت إليه في حدة ناظرة إلى كرشه: مش أحسن ما أكون زي الواحدة الحبلة.
يتجاهلها ويخاطب أبي: والنبي قول لها تسمن شوية، جبت لها مفتقة من «الحمزاوي»، مش راضية تاكل منها. يقول لها أبي: معه حق، الراجل يحب يلاقي حاجة يمسكها. يضحكون. تأتي «خضرة» بفناجين القهوة. ينحني أبي ليفك رباط حذائه. تسرع «خضرة» إلى مساعدته. تحضر له خفا من القماش. يسألها عن بلدها ويعطيها العيدية. يرفع ساقه اليسرى ويطويها فوق الكنبة أسفل اليمنى. يشعل «فهمي» سيجارة ويشعل لأبي سيجارته. - نلعب هنا ولا في الفرانده؟
يجيب أبي: الفرانده طبعا. بس استنى لما عرقي ينشف. - حق الناس في الحر ده تخرج بالقميص الاسبور والبنطلون القصير.
يقول أبي إن ابن عمه يكتفي في الصيف بقميص بكمين قصيرين ويخرج من غير طربوش فيبدو كالعلوق.
أسعل عدة مرات. تقول «نبيلة» وهي تنظر إلي في قلق إن مرض السل آخذ في الانتشار. تقترب من السرير الذي أرقد فيه مع ولديها. تقف فوق رأسي. ترقبني أسعل. عمو «فهمي» يقول لها إنها كحة عادية لأن السعال الديكي راح. تقول: أهو بكره بابا جاي ياخده. في الصباح أجوس أرجاء الشقة الواسعة في بيجامة ابنها «شوقي». أتجنب الاقتراب من قطع الأثاث المغطاة. أسألها متى يأتي أبي. تقول بعد الظهر. عند الظهر تغلق الشبابيك وتظلم الغرف. تنهمك في إعداد الحقائب وإغلاق الدواليب كأنها ستسافر. تعد لولديها ملابس يرتدونها. لا أحد يكلمني أو يعد لي ملابسي. أسأل «شيرين»: إنتو خارجين؟ تجيب هامسة: رايحين نقعد عند خالتي. - وتاخدوني معاكم؟ - لا ، حتفضل مع «سعدية» لغاية ما جدي ييجي ياخدك.
ينضم إلينا الحاج «حمدي» شقيق عمو «فهمي» الأكبر. يرتدي جلبابا أبيض وحذاء «موكاسان». له لحية كبيرة مشذبة. يغلب عليها اللون الأبيض. يحمل في يده مسبحة فضية. يقول: سمعتم عن القنابل؟
يسأل أبي: بتاعت «بنزايون» و«جاتينيو»؟ الإخوان المسلمين زودوها خالص.
يحمل عمو «فهمي» صندوق الطاولة: يلا ع الفرانده. يدخلون غرفة المسافرين ومنها إلى الفرانده. أتبعهم. أتلكأ قرب بابها. يجلسون فوق كنبة بلدية تحيط بها كراسي معدنية. صوت الحاج «أحمد» يسأل عن «شوقي» و«شيرين». صوت عمو «فهمي»: بيلعبوا تحت. - عملوا إيه في الامتحان؟ صوت «نبيلة»: نجحوا الحمد لله. زي كل سنة.
يلمحني الحاج «حمدي». يسألني: وانت عملت إيه؟ أتقدم منهم وأجلس على حافة الكنبة بجوار أبي. يرد عني باقتضاب: عنده ملحق إنجليزي. هي فين «سميرة»؟ يقول عمو «فهمي»: بيصيفوا في «راس البر». حنحصلهم بعد العيد إن شاء الله.
تقول «نبيلة»: تصور يا بابا «شيرين» عاوزة تلبس شورت؟
Página desconocida