بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مُقَدّمَة
من الأمور الداعية للتفاؤل في الحقبة الراهنة من تطورنا أن يعطي فريق من الدارسين انتباههم لتراث أمتنا اللغوي فيقوموا بنشره وتحقيقه. ذلك أن حجم التيار الفكري وإيجابيته وتنوعه يوضح مدى رقي أية أمة لأن النشاط الثقافي معيار صادق لنهج تقدم الأمم.
لكن دواعي الوفاء لمفكري الأمة الأسلاف توجب على من يتصدر لمهام التحقيق أن يولي تراثهم حقه من العناية والجهد؛ إذ إنَّ العبث بالتراث أو التسرع في إخراجه بلا ترو وتؤدة أشد وبالًا من بقائه دفين خزائن المخطوطات.
بهذا الإِدراك توجهت لتحقيق كتاب التكملة لأبي علي الفارسي بعد أن هداني أستاذي الفاضل الدكتور حسين نصار إلى القيمة اللغوية الفريدة لهذا الكتاب. وكان الكتاب كما قدر الأستاذ الكريم مخزونًا ضخمًا من القواعد الأصول للغتنا السمحاء، وهو أيضًا كتاب في الصرف، وكتب الصرف حقها من اهتمام المحققين ضئيل، يضاف إلى ذلك أن صعوبة هذا الكتاب ووعورة مداخله ثم تعدد نسخه وتناثرها في مكتبات العالم أمور حالت بين الكتاب ومحاولة تحقيقه. لكني رأيت أن حظوة إخراجه علميًا تفوق كل عقبات تعوقها، ولهذا بذلت ما وسعني الجهد وتحملت الكثير من متاعب السفر ومشاقه لأجمع نسخه، ثم تفرغت للعمل المتواصل فيه زمنًا طويلًا، وأقرُّ أن
1 / 7