حلب كما أكد ابن الجزري، ورغبة الإِفادة من أبى علي لا تلزم بالضرورة أن تكون بتأليف كتاب الإِيضاح بالذات فقد تكون بكتاب أو كتب أخرى، وأبرز دليل على ذلك هو أن أبا علي أشار في كتاب "التكملة" إلى كتاب المقصور والممدود؛ إذ قال في بداية باب المقصور والممدود: "قد كنت كتبت للخزانة أدام الله عمارتها كتابًا مبسوطًا في مقاييس المقصور والممدود وذكرت طرفًا من ذلك في هذا الكتاب ليكون مستقلًا بنفسه" (^١).
وعلى هذا فإني أخالفه في افتراضه أن الإِيضاح قد ألف في صدر الفترة الواقعة بين ٣٤٨ - ٣٦٦ هـ وأفترض أمرًا آخر هو أن الإِيضاح قد ألف في آخرها لا أولها، يدعم افتراضي هذا أمور ثلاثة ذكرت أولها وهو إشارة أبي علي في كتاب التكملة إلى تاليفه كتاب المقصور والممدود.
والأمر الثاني: أن معظم (^٢) الذين أَرخوا لأبي علي وعلاقته بعضد الدولة ذكروا محاورة دارت بينهما لم يستطع فيها أبو علي إقناع عضد الدولة برأيه، فشرحه في الإيضاح بعدئذ.
أَما المحاورة فقد حصلت بين عضد الدولة وأَبي علي في الميدان، وهي أَن عضد الدولة سأل أَبا علي بماذا ينتصب الاسم المستثنى في نحو قام القوم إلا زيدًا؟ فأجابه أبو علي: إنه ينتصب بتقدير "استثنى زيدًا" فرد عليه عضد الدولة: لم قدرت "أستثني زيدًا" فنصبت؟ هلا قدرت "امتنع زيد"؟، فقال له أبو علي: هذا الذي ذكرته جواب ميداني، فإذا رجعت قلت لك الجواب الصحيح.
والجواب الصحيح الذي ألمح إليه أبو علي ذكره في الإِيضاح وهوأنّ المستثنى انتصب بالفعل المتقدم بتقوية إلا.
_________
(^١) التكملة ص ٢٨٥.
(^٢) على سبيل المثال، انظر: معجم الأدباء ٧/ ٢٣٧.
1 / 34