غضب أبي علي الذي أشار إليه عضد الدولة ليس غضبًا منه وإنما هو غضب لمنزلة أبي علي العلمية ولا يغض من قدر عضد الدولة بأية حال، كما لا يستوجب نفورًا بين هذا العالم الكبير وهذا الملك المتعلم الذي يصف نفسه بأنه غلام لأبي علي في النحو، وعن فكرة استبعاد أن يكون عضد الدولة قد وصف أبا علي بأنه لم يفهم كتابه هو، بسبب كونه مؤلف الكتاب، فنحن لا نناقشها لأن فهم الشيخ لكتابه تحصيل حاصل.
وأرى أن عضد الدولة عبر أبلغ تعبير عن الجهد الذي يبذله المرء في قراءة "التكملة"، وعن العجز الذي يعانيه في محاولة تتبع تلك الأحكام والأفكار الموجزة والشاملة للمسائل اللغوية والصرفية التي اشتمل عليها هذا الكتاب الفريد، وقد أقر الدكتور شلبي هذه الصعوبة وقدم لها أربعة أسباب ذكرها في كتابه (^١).
ولنتجاوز هذا الأمر إلى أمر يتعلق به، وهو كيف تم الاتصال بين عضد الدولة وأبي علي الذي كان تأليف "الإِيضاح" ثم "التكملة" بعد ذلك من نتائجه؟ ومتى كان ذلك؟ لعلنا نحدد وقت تأليفهما، ولو بشكل استنتاجي حسب. إن الوصول إلى أجوبة للأسئلة المتقدمة يثير أسئلة أخرى وهي:
١ - هل سبق لأبي علي الاتصال بعضد الدولة قبل سفر الشيخ إلى حلب؟
٢ - هل استقدم عضد الدولة حقًا أبا علي إلى بغداد أم أنه هو الذي رجع إليها بعد أَن لم يلق الحظوة التى سعى إليها في بلاط سيف الدولة؟
٣ - هل كان السبب في استقدام أبي علي - لو حصل مثل هذا الاستقدام - من أجل أن يعلم أبناء "خسره" أخي عضد الدولة؟
_________
(^١) أبو علي الفارسي ٥٤٢.
1 / 31