قَالَ له: "هذا الذي صنعته يصلح للصبيان" (^١). وزاد بعضهم (^٢) أن عضد الدولة استقصره وقال له: "ما زدت على ما أعرف شيئًا وإنَّما يصلح هذا للصبيان"، فمضى أَبُو علي وصنف "التكملة" وحملها إليه، فلَمَّا وقف عليها عضد الدولة قَالَ: "غضب الشيخ وجاء بما لا نفهمه نحن ولا هو" (^٣).
ويقف أكثر دارسي أبي علي المعاصرين توسعًا فِي حياته وآثاره وهو الدكتور عبد الفتاح شلبي موقفًا غير واضح تمامًا من هاتين الروايتين، فعلى الرغم من أنْه يميل إِلَى الرواية الأولى، ويرفض الثانية، إلَّا أن حججه فِي رفضها لا تخلو من التعارض فيما بينها. فهوأخذ رواية الزبيدي وبنى عليها حكمًا فقال: "إنه من المحتمل أن يكون الإِيضاح قد ألف لأبناء أخي عضد الدولة، يرجعون إليه ويقرؤون فِيهِ (^٤)، وقرر سهولة كتاب "الإِيضاح" وصعوبة "التكملة"، "لأنَّ الإِيضاح كتاب تعليمي وضع للمبتدئين وكتاب التكملة يخالفه فِي ذلك"، ثم قَالَ: "ليس بضائر ولا يغض من قدر لكتاب أَنَّهُ وضع للمتعلمين، فمن قبل وضع كلّ من الجرمي وابن درستويه وابن السراج مختصرات فِي النحو للمتعلمين" (^٥)، لكنه مع تسليمه بهذه الحقائق ينفي ويدفع عن عضد الدولة أن يقول ما قاله فِي كتاب الإِيضاح من أنه كتاب يصلح للصبيان كما يدفع بشكل أقوى قول عضد الدولة بعد قراءته التكملة، فيقول الدكتور الفاضل: "بعيد أن يغضب أبو علي من ولي نعمته الذي كَانَ يعد أمره حكمًا وطاعته غنمًا، وإن كَانَ هناك توجيه من عضد الدولة فما على
_________
(^١) نزهة الألباء ٣٨٩.
(^٢) ياقوت فِي معجم البلدان ٧/ ٣٣٨.
(^٣) معجم البلدان ٧/ ٢٣٨.
(^٤) أَبُو عليٍّ الفارسي ٥١٧.
(^٥) المرجع السابق.
1 / 29