Takhlis Cani
كتاب تخليص العاني من ربقة جهل المعاني للقطب اطفيش تحقيق محمد زمري
Géneros
وإن قلت: لا نزاع في كون هذا الكلام مستعملا على الإشارة إلى كون بناء الخبر من طريق المدح وعلى التعريض بتعظيم شأن الخبر، إلا أن تلك الإشارة لا مدخل لها في إفادة تعظيم الخبر أصلا، فليست وسيلة إلى التعريض بالتعظيم، وإنما نشأ التعظيم من نفس الصلة بناء على تشابه آثار المؤثر الواحد، فكما أن صنعه للسماء صنع عظيم، كذلك يكون بناؤه البيت للفرزدق ومن معه عظيما، ألا ترى أنك لو قلت: << بنى لنا بيتا من سمك السماء >> لكان التعريض بتعظيم البناء باقيا على حاله، وليس المسند إليه فيه مبتدأ بل فاعل، قلت: التعظيم المستفاد من نفس الموصول والصلة يحتاج على التوسل بالإشارة المذكورة، والكلام إنما هو في هذا.
وأما التعظيم المدلول عليه بجموع الكلام أو مجموع الصلة والموصول فلا يحتاج إليه، فإنه لا إشارة في << بنى لنا بيتا من سمك السماء >> لتأخر المشير وإفادة مجموع هذا الكلام أو مجموع الصلة والموصول وهو الظاهر؛ ففي بيت الفرزدق فهم تعظيم شأن الخبر بسبب الإشارة إلى أن الخبر من جنس البناء الرفيع، إذ لولاه لاحتمل أن الخبر من جنس البناء الوضيع، فيفوت التعظيم. والله أعلم.
... وقد تجعل الإشارة بالإتيان بالمسند إليه موصولا مع صلته إلى أن بناء الخبر من طريق الثواب أو غيره وسيلة إلى التعريض بتعظيم شأن غير الخبر كقوله تعالى { الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين } (¬1) ففيه إشارة إلى أن الخبر المبني عليه من جنس الخيبة والخسران ، لأن تكذيب النبي يوجب ذلك ولا يوجب إلا الشر ، وفي هذه الإشارة تعظيم لشأن شعيب، حيث كان تكذيبه يوجب الخسران في الدارين . والله أعلم.
Página 162