يغلظ عليهم اليمين بإحضارهم بيوت متعبداتهم عند الحلف، مع أنه لا حرمة لها، وكأن المطلوب من ذلك حمل الذمي على الخروج من الحقّ بتكليفه التلفظ بما يعظم موقعه في قلبه ليكن أدعى إلى حصول المقصود، كما يكلف المسلم حضور المسجد الجامع يوم الجمعة بعد صلاة العصر عند المنبر بحضرة جمع من المسلمين وزيادة ألفاظ معظمة كقوله: الطالب الغالب جل وعلا". ا. هـ١.
وقد ظهر لي من خلال ما ذكره الحافظ الذهبي في ترجمة المؤلِّف بأنه سمع من المُحَدِّث عليّ بن البنا، ثم تحديثه للعلامة الدمياطي، ومن خلال كثرة استشهاده واستدلاله بالأحاديث النبوية والآثار في كتابه التخجيل وكتبه الأخرى، أنّ المؤلِّف ﵀ كان له اهتمام كبير وحرص شديد على طلب الحديث وسماعه وروايته.
تلك بعض الجوانب العلمية لشخصية المؤلِّف ﵀ التي استعطت إثبات أدلتها، وقد تكون هناك جوانب أخرى نجهلها. فإنّ المؤلِّف بلا شكّ من الشخصيات العلمية المرموقة في عصره، ومن أصحاب المواهب والاهتمامات المختلفة، والله أعلم.
أما ثناء العلماء عليه، فقد كان المؤلِّف متخلقًا بأخلاق القاضي العدل والعالم الجاد الوقور، مما دعا المترجمين أن يثنوا عليه ثناءً حسنًا، ويكفيه في ذلك شهادة إمامين وعالمين من ثقات المؤرّخين: أوّلهما: الشيخ الإمام العالم بقية السلف٢
_________
١ ورد نصّ اليمين المغلظة في نهاية الجزء الثاني من كتاب (التخجيل) بالمخطوطة، راجع الورقات: ١٨٦، ١٨٧، ١٨٨، وفي آخرها كتب: "تم الكتاب وحسبي الله وبه التوفيق برحمته وصلواته على خير خلقه سيدنا محمّد وآله وسلم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله". ا. هـ.
وإنّ أوّل ما استخدمت هذه الأيمان لليهود والنصارى في زمن الفضل بن الربيع وزير الرشيد أحدثها كاتب له، ذكر ذلك محمّد بن عمر المدائني في كتاب: (القلم والدواة) . (ر: صبح الأعشى ١٣/٢٦٦-٢٨٧، للقلقشندي) .
٢ تلك الأوصاف ذكرها الإمام ابن كثير في ترجمة قطب الدين اليونيني. (ر: البداية والنهاية ١٤/١٢٦.
1 / 46