291

وأبو حنيفة موافق في تنجيسه، ويذهب إلى أن اليابس منه يذهب بالفرك دون الغسل، وذلك بعيد؛ لأن الفرك يزيل بعضه دون كله؛ لأنه لا خلاف في أن سائر النجاسات لا يجوز أن تزال بالفرك ليبسها، وقد بينا تأويل ما ورد من ذكر الفرك، وأن المراد به التنقية والمبالغة في الغسل، أو يكون(1) هذا في الثياب التي لا يصلي فيها، وهذا مذهب جميع أهل البيت عليهم السلام.

فأما(2) المذي، فطائفة من الإمامية تذهب إلى أنه طاهر، وعامة ما قدمنا ذكره من الاستدلال، والمقاييس لنجاسة المني يجوز أن يعتمد عليها لنجاسته، وورد فيه:

ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، حدثنا الطحاوي، حدثنا إبراهيم بن أبي داود، حدثنا أمية بن بسطام، حدثنا يزيد بن زريع(3)، حدثنا روح بن القاسم، عن أبي نجيح، عن عطاء، عن إياس بن خليفة، عن رافع بن خديج أن عليا عليه السلام أمر عمارا أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المذي، فقال: (( يغسل مذاكيره، ويتوضأ ))(4).

وأخبرنا أبو بكر، قال: أخبرنا(5) الطحاوي، حدثنا محمد بن خزيمة، حدثنا عبدالله بن رجاء، قال: أخبرنا زائدة بن قدامة، عن حصين، عن أبي عبد الرحمن، عن علي، قال: كنت رجلا مذاء، وكانت عندي ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (( توضأ، واغسله ))(6).

فدل هذان الحديثان على نجاسته؛ لإيجاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم غسله.

مسألة [ في نصاب الدم النجس ]

قال: فأما الدم فيجب، إزالته إذا كان قدرا لو كان على رأس جرح، قطر، فلو كان دون ذلك لم يجب إزالته.

Página 291