La Experiencia Femenina: Selecciones de la Literatura Femenina Mundial
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
Géneros
كنت دائما أهوى البكاء. وفي الخامسة عشرة كنت أبكي لأي سبب: كتاب، كلب تعرض للدهس في الشارع، كلمة حادة، مشهد طبيعي جميل، كونسير، أغنية حزينة، وعندئذ أشعر بقلبي وقد انشطر إلى جزأين، وتحطم في صدري، محدثا ألما لذيذا. وكانت جوليا تأخذني هكذا بين ذراعيها، وتمدني كلماتها المطمئنة بمتعة غامضة. هكذا ذقت بين ذراعي تامارا بهجة التسرية والعناق، وسماع الكلمات الحانية، والمتعة الطبيعية في القبلة الطويلة التي أعقبتها.
لم يسبق لي أن قبلت أحدا من قبل بهذه الطريقة، ورغم أني طالما أنصت لثرثرة زميلاتي عن فتاة بلا حياء سمحت لكل أولاد المدرسة بتقبيلها في فمها، لم تكن لدي أية فكرة عن القبلة وما تعنيه.
والواقع أني ظللت طوال أسابيع في أعقاب هذه القبلة الأولى، تحت وهم أنها ابتكار رائع لتامارا ذاتها . وذات يوم قررت أن أرضي فضولي، فأمعنت النظر عن قرب إلى عاشقين يتبادلان القبلات في الحديقة العامة، وهو سلوك كنت أتجنبه دوما بدافع من شعور بالاشمئزاز، فزالت عندئذ كل أوهامي.
هكذا كانت تلك القبلة كشفا تاما ورائعا. ولم تكد تكف عن تقبيلي حتى رفعت إليها شفتي من جديد. وفيما بعد، جردتني كلية من ملابسي، ولاطفتني بيدها، كما يداعب الإنسان جوادا، لكني كنت عاجزة عن التفكير في شيء آخر، وبدت لي لذة تقبيلها تامة، كما كنت عاجزة عن التغلب على الارتباك اللذيذ الناشئ عن وجودي بهذا القرب من شخص آخر، وهو أمر لم أتخيل أبدا إمكان حدوثه. وبين القبلات، التي لم أمل منها مطلقا، رويت لها كل شيء، في سيل متدفق من الاعترافات المختلطة، ضمنته كل ما حلمت به أو تخيلته أو رغبت فيه. بل اختلقت بعض الأمور، عندما لمست مدى اهتمامها، وقفزت من مكاني عندما قالت في سلطان هادئ: «حان الوقت لأن ترتدي ملابسك يا عزيزتي وتنصرفي إلى منزلك.»
كنت أترنح من السعادة عندما تركتها، ومضيت أتحسس الجدران والأشجار والثلج. كنا قبل الكريسماس بيومين، وشعرت أني تلقيت هدية من السماء.
هكذا بدأت الأمور بيني وبين تامارا. •••
من النظرة الأولى لصورة إميلي، قد أبدو شبيهة بها. أنا نفسي ظننت ذلك عندما عثرت على الصورة الكبيرة في ألبوم تامارا، الأمر الذي أعطاني نوعا من الصدمة. لكني عندما تأملتها بدقة أكثر، اكتشفت سطحية الشبه. كان لإميلي شعر ذو لون بني خفيف، وعيون كبيرة، وملامح متناسقة - مثلي. لكنك سرعان ما تتبين أن تعبيرها أكثر برودة، ويجب أن أضيف، أكثر ذكاء. فأنا أمتلك - طبقا لرأي تامارا - نظرة بليدة. وقد واسيت نفسي عندما قالت تامارا ذلك، بأن انتحلت لعيني صفة «عيون الثور» التي اعتبرها اليونانيون مقياسا للجمال.
كانت ملامح إميلي أيضا أكثر رقة وتأثيرا من ملامحي. ولا شك أنها كانت مختلفة عني للغاية، وفقا للروايات المختلفة، ولهذا لم يكن بإمكاني أن أطمح إلى منافسة الفتاة التي كانت الحب العظيم في حياة تامارا.
ما عرفته عنها من تامارا (التي كان يؤلمها الحديث في هذا الموضوع) كان أقل مما علمته من قراءة الرسائل القديمة التي احتفظت بها، وتركتها بإهمالها المألوف، في الأدراج المفتوحة لمائدة زينتها. وكان بوسعك أن تتبين على الفور الفرق بين خطينا، وأن خط إميلي هو النقيض التام لخطي. كان كبيرا ثابتا، حاد الزوايا، مدت الخطوط العرضية لحروفه بإحكام ينطق بالعزم والعناد. أما خطي أنا، يا للسماء! فكان خط تلميذة، ينطق بالجهد: الحروف مستديرة ومهتزة قليلا، نوع الخط الذي تطالعه في الكراسات المدرسية المسطرة، حيث تتوقع أن تقرأ تحته هذه الملاحظة: «جيد، لكنه متيبس بعض الشيء». طالما عانيت من خطي، كما كان الأمر مع وجهي، فرغم أن الآخرين قد يرونه شبيها بوجه مادونا ألمانية، كان يبدو لي مجردا من الشخصية تماما. كان ثمة شيء عارم وشيطاني في وجه إميلي، بينما كان وجهي، إذا لم يكن منفعلا من جراء عاطفة قوية، يبدو كأنما يعكس رصانة تامة.
لم أر إميلي مطلقا. لكني ظللت مهووسة بوجودها عدة شهور، لهذا يجدر بي أن أحكي القليل عنها وعن تامارا، قبل أن أظهر في حياتها.
Página desconocida